جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2025

السفر للاتساع
8 آب
السفر

السفر للاتساع

8 آب

|

السفر

السفر للاتساع

 البحث عن الخفة والاتساع

عند اقتراب اجازة عيد الاضحى كنت أسعى للشعور بالاتساع رغم أن الاتساع ليس بشعور، إنما حالة متكاملة من الحيوية والبهجة والاستكشاف والتأمل، حيث يجد المرء نفسه في سعة، كنت أتساءل ما الذي يعنيه الاتساع؟ انبثقت صورة في ذهني للطبيعة الخلابة، نسيم الهواء العذب، السير على الأقدام لمسافات طويلة والحديث الرحب مع الغرباء.

كنت أفكر في أقرب وجهةٍ بإمكانها أن تحمل صورة الاتساع تلك، وكنت قبل ذلك في ديسمبر الماضي تحديدًا قد نويت استكشاف السعودية التي أجهل عنها أكثر مما أعرف، وذلك على إثر رحلة تتعلق ببحث ميداني في شمال المملكة، أدركتُ في تلك الرحلة للشمال أن الكثير في السعودية من مناطق جميلة ومزارات مهمة وإرث تاريخي ثقافي في انتظار أن أستكشفه، فنويتُ أن أبدأ من هُنا، لتكون عسير جنوب المملكة الوجهة الأولى بغرض الاستكشاف والاتساع.

كان الاتساع ابتداءً بمنظر السُحب عند وصولي مطار أبها، سُحب كثيفة تحمينا من أشعة الشمس تُلطّف الجو فلا يبدو الصيف صيفًا في أبها، لطالما شبهتُ السحب بالأشخاص الذين يتمتعون بقدرة على تلطيف الجو وتخفيف ما هو صارخ ومؤذي أحيانًا في أي مشهد انساني، وها أنا حتى عندما أريد التغني بجمال الطبيعة أجدني أُشبهها بالإنسان، أنا الغارقة في الانسان.

(عقبة حبو – عسير)

المزرعة في عقبة حبو

توجهت بعد وصولي إلى عقبة حبو حيث المزرعة التي أنوي الاقامة بها في أعلى الجبل، كان الطريق إلى المزرعة ساحرًا وأخاذًا، يُطوّق الجبالَ الخضراء الضباب، والكثير من السياح على الأطراف يلتقطون الصور، استوقفتني اللافتات «ضيفك، ضيفنا، مرحبًا ألف في عسير» شعار لطيف، وواحدة من أهم القيم الراسخة في ثقافة المجتمع السعودي أن تعمل إدارة المنطقة على تعزيز الضيافة، أن تتضامن ادارة المنطقة مع سكانها بالتأكيد على أن ضيوفكم ضيوفنا، ياللروعة!

عند وصولي للمزرعة بدأت أتفقدُ مرافقها والخيمة التي سأنام فيها ابتداءً من هذه الليلة، كانت الاطلالة عظيمة أمام خيمتي، شعرتُ بالقلق قليلًا. كان من الصعب عليَّ فيما مضى أن أكون قريبةً إلى هذا الحد من الطبيعة، فلطالما رفضتُ المبيت في الخيام أو البقاء لوقتٍ طويلٍ في الصحراء أو حتى في البحر، لكن هذه الرحلة كان الغرض منها أن أكسر قيودي المعتادة وأعيش هذا الاتساع باحتضان الطبيعة الخلابة لستة أيام.

كان الملفت منذ لحظة وصولي، أن مهارة مثل «اليقظة الذهنية» أو «الحضور الذهني» أسهل وأيسر بكثير اتقانها هُنا من أي مكان آخر، هذه المهارة التي اعتدتُ الحديث عنها على هامش العيادة أثناء سعيي لعلاج أعراض القلق والاكتئاب لدى مَن يراجعني، وكذلك سعيي الشخصي لإتقانها بنفسي لأخفف عني شوائب عصر السرعة والقلق، وجدتني في عسير غارقة في الطبيعة من حولي متصلةً وحاضرةً ذهنيًا «هُنا والآن» فلا يسعك أمام هذا الجمال سوى أن تتصل به لتنسى نفسك وتنفصل عن الضوضاء في ذهنك التي لطالما حجبت عنك انغماسك واتصالك بما هو حولك.

(عقبة حبو – عسير)

الغرباء‎‎ وسؤال‎ معنى‎ الحياة

كانت المزرعةُ تتضمن سكنًا ومرافق مشتركة لكل النزلاء، طبيعة الإقامة فيها تُعرضك لأشخاص مختلفين من مناطق ودول مختلفة، خلال اقامتي فيها كنت محظوظةً بمصادفة أشخاص أضافوا بُعدًا جماليًا آخرًا لهذه الرحلة، عند وصولي قبل العيد بيوم كانت قد سبقتني إلى المزرعة أسرة السيد «عصام» من جدة، كنا ندعوه طيلة الرحلة ب «أبو نورة»  نورة ابنته الكبرى، يليها خالد ثم ندى، وكان ضمن النزلاء عبدالله ومحمد من الرياض، في أول لقاء عرَّف كل شخص عن نفسه وسبب قدومه في هذا الوقت تحديدًا، يذكر «أبو نورة» ونورة أنهم قرروا منذ مدة السفر إلى منطقة مختلفة في المملكة عند كل عيد، فأصبحت عادةً لديهم، أما «محمد» فكان يرغب بالشعور بالاتساع مثلي ولم يجد فرصة أقرب من هذه الاجازة، وكذلك «عبدالله» الذي يحن إلى عسير وينتظر أقرب وقت للنزول فيها، لم يكن سوانا موجود في المزرعة ليلة العيد.

ما أن حل الظلام أشعلنا النار بعد العشاء اللذيذ الذي أعده خالد ونورة، ولحسن الحظ أن أسرة «أبو نورة» تهوى الطهي، ما أن جلسنا بشكل دائري حول النار على طرف الجبل، يطوّقنا سكونُ الليل ويشهد علينا قمرٌ غير مكتمل، في أيدينا كوب شاي لذيذ درجة السكر فيه موزونة أعده لنا حارس المزرعة «أبو عمر»، بدأت الأحاديث تنساب، كان السؤال الأول في هذه الجلسة هو السؤال الوجودي بامتياز حين التفت «محمد» ووجه لي السؤال: «بحكم تخصصك ما مدى أهمية أن يكون للحياة معنى بالنسبة للفرد؟ وهل يوجد ارتباط بين وجود معنى للحياة بصحة الفرد النفسية؟».

كعادتي ابتدأت بتوجيه السؤال للسائل نفسه «أنت ايش تشوف؟ شاركني أفكارك حول الأمر»، ذكر محمد أن معنى الحياة للإنسان في الأزمنة القديمة كان أمرًا أكثر بداهةً وسهولةً من الوقت الحالي، ربما بساطة الحياة والانشغال بالنجاة مع وجود مرجعيات وسرديات كبرى تحكم الفرد والجماعة، تحدد للإنسان كل شيء، اما الوقت الحالي حيث طبيعة الحياة الفردانية وانشغال الإنسان بنفسه مع ضُعف تأثير المرجعيات الكبرى خلقت في الإنسان سؤالًا مُلحًا عن المعنى، ويظن محمد أن العيش دون معنى يُضعف من الصحة النفسية ويخلق معاناة مضاعفة، سألته: «ما هي مصادر المعنى بالنسبة لك وللجميع؟». ومن هنا بدأت أوجه السؤال للكل وأنصت لأجوبتهم في حالةٍ من الحضور الذهني التام وكلنا منغمسين في اللحظة.

محمد: «المعنى لما نأثر في الناس بشكل جيد ونقدم حاجة كويسة للمجتمع..»

نورة: «المعنى بالمعرفة وتطوير أنفسنا علميًا ومعرفيًا، ولما نفيد الناس من حولنا عن طريق المعرفة..»

ندى: «السؤال صعب…»

عبدالله: «بالخلق والانتاج، لما تنتج شيء يعبر عن ذاتك، لما تشوف أثر لجهدك وعملك، الناس فقدوا إحساسهم بمعنى وجودة أعمالهم لأن المهن الحديثة طبيعتها ما تتيح للفرد يشوف من خلالها أثره في الانتاج، لأن للإنتاج سلسلة أدوار موزعة والمُخرَج الأخير صار بعيد عن الشخص ما يلمسه بشكل يومي، لذلك لازم الشخص بنفسه يعمل ويبدع شيء مش بالضرورة من خلال دور مهني، ممكن يكتب مقال، يسجل بودكاست، يسوي أي شيء، يخلق أي شيء. في دراسة عملوها عن أكثر أعمال أو مهن يشعرون أصحابها بالمعنى أثناء تأديتها، النتيجة كانت أن الخباز والمزارع والبارتندر والطبيب هم أكثر مَن عبّر عن احساسه بالمعنى في عمله، ويُفسر ذلك بنفس الفكرة انو هم يشوفون أثرهم مباشرة على الناس متلقي الخدمة.»

خالد: «اتفق مع كلام عبدالله، أذكر زمان لما كنت باريستا كنت أحس بمعنى مباشرةً من خلال رضى الزبائن أكثر من دوري الحالي في الشركة، وفي كل مرة أهتم فيها أيضًا بالأرض، بالنباتات اللي عندي أحس بالمعنى والانغماس في الحياة، أحب اني اهتم في الأرض كذا بدون شروط، الارض اللي تحتضنا جميعًا وتقدم كل شيء لنا..»

أبو نورة: «عن نفسي، أحس بالمعنى من خلال العطاء للغير، لعيلتي والأقارب والغرباء، العطاء اللي ما أنتظر مقابل له، والتراحم مع الناس..»

كانت أجوبتهم تلخص الكثير بشأن المعنى، كما قد قيل من قبل العلماء والفلاسفة، العلاقات وأثرنا على الناس من حولنا أحد مصادر المعنى المهمة، كذلك القيم التي تعد غاية لذاتها، مثل المعرفة والإبداع والرحمة والرعاية، كلها حين تُعاش تمدُّ الإنسان بالإحساس في أن لوجوده معنىً وقيمة.

ذكرتُ لهم خلاصة مدرسة العلاج النفسي الوجودي وأهمية المعنى لحياة الفرد وحدود المعنى ومتى يكون المعنى خطير ومتى يكون المعنى مرن ومناسب، وتجربتي الشخصية مع المعنى.

كان يُنظر للإنسان باعتباره مدفوع بإرادة اللذة حيث يكون السعي لتحقيق اللذة وتجنب الألم وهذه الارادة تحكم سلوكياته ومن خلالها تُفهم صراعاته النفسية بشكل عام كما يؤيد «سيغموند فرويد» رائد التحليل النفسي، أما «ألفرد آدلر» فكان أساس نظريته بأن الإنسان مدفوع بإرادة القوة وليس ارادة اللذة وحسب، وأن صراعه في الحياة لتجنب الإحساس بعقدة النقص، يليهم «فيكتور فرانكل» صاحب نظرية العلاج بالمعنى أن الانسان مدفوع بإرادة المعنى، يسعى أن يجد معنى لوجوده الخاص وعند غياب المعنى أو احباط ارادة المعنى تلك في الوصول لمعنى، سينتج لديه عصاب وجودي المنشأ وربما حينها سيسرف في سعيه اللذة والقوة نتيجة هذا العصاب والخواء عند غياب المعنى، فتظهر حينها مظاهر الملل والاكتئاب، والإدمان والتفكير في الانتحار.

يذكر «فرانكل» أن كان هناك معنى للحياة متجاوز لدى الخالق فلا يمكن للفرد معرفته، بل عليه أن يجد هو بنفسه معنى لوجوده الشخصي، يُعينه على تحمل الصعاب ويساعده على الاستمرار والقيام بما هو ذو قيمة شخصية له، وأن للمعنى مصادر عديدة فالمعنى الجيد لا يكون هرمي، هرمي بمعنى أن يختزل الفرد قيمة حياته ووجوده في شيء واحد قابل للزوال مثل «معنى حياتي في أن أكون بالقرب من الأبناء أو من أُحب» «في قيامي بدوري كلاعب مشهور».

هذه المعاني هرمية ومربوطة بأدوار أو أشخاص أو ممتلكات قابلة للزوال وبزوالها ينهار الفرد، فيجب أن يكون المعنى متجاوز يمس قيم سامية تهم الفرد نفسه، كذلك تكون دائرية بدلًا عن هرمية، فالمعنى الجيد مرتبط بقيم مثل: «العطاء والمعرفة.»، وتكون رسالة الفرد في حياته مرنة وقابلة للتطبيق دومًا.

(المزرعة- بانجيا)

صباح‎ العيد‎ في‎‎ عسير

تجربة النوم في الخيمة كانت حافلةً بمشاعر مختلطة، الاثارة والخوف، والمتعة. كنت قد أحضرت معي رذاذًا واقيًا من الحشرات استخدمته ولبست أطول جوارب لدي، متدرعةً، استعدادًا للنوم كما لو كان النوم في الخيمة معركة.

من داخل خيمتي أسمعُ من حولي أصوات الطبيعة، والرياح الخفيفة، والكثير من نداءات صرصار الليل وأصوات الحيوانات البعيدة، كلاب وأبقار وقردة. خلدتُ للنوم كالطفل القلق الذي ينام أول ليلة لوحده في مكان جديد، استيقظت أكثر من مرة لثوانٍ أتفقد الخيمة على الرغم من أنها مُحكمة الاغلاق ثم أُعاود النوم، كانت تبدو أطول ليلة قد نمتها! ربما قلقي انعكس على احساسي بالزمن، في منتصف الليل أذكر أني استيقظت للمرة الثانية لأني لم أعد أسمع أي أصوات من حولي! اختفت أصوات الحيوانات وحتى صرصار الليل نام مثلنا أخيرًا، كانت لحظة مدهشة، لحظة سكون مطلق، أما شروق الشمس بعد ذلك كالنعيم، الشمس التي تفي بوعدها كل مرة، ها هي قد أشرقت من بين السُحب والجبال الخضراء، ترحب بها العصافير كما لو كانت تحتفل باليوم الجديد وبهِبة الحياة، لم يكن لصباح العيد أن يكون أجمل من ذلك.

بدأت بتأمل المنظر من أعلى الجبل، استيقظت لإعداد القهوة ومعايدة والدي ووالدتي وبقية أفراد الأسرة والأصدقاء، بعد الظهيرة بدأنا أنا ومجموعة النزلاء بالتخطيط لنزهات المساء في عسير.

(خيام المزرعة- بانجيا)

التنزه‎ في‎ عسير

شارع الفن، ممشى الضباب، وسد أبها، أولى وجهاتنا في ليالي العيد لاستشعار روح المدينة، كان شارع الفن مكتظًا بالناس من سكان وسياح بين المطاعم والمقاهي والحدائق المجاورة يتزينون معظم المشاة بأطواق الزهر والريحان تلك التي يشتهر بها سكان الجنوب، كنا نسير لمسافات طويلة على غير العادة وذلك لأن الصيف في أبها ليس كالصيف، الجو بديع يتيح السير، كنا نسير ونستكشف كل شيء، تلا ذلك زيارتنا قرية «رجال ألمع»، كان الطقس غائمًا فيها ما جعلنا نلغي خطة القفز المظّلي. فاكتفينا بالسير في القرية واستكشاف العمران الذي يتجاوز ال (900) عام. تقع قرية «رجال المع وسط جبال السروات، قرية مبانيها من الحجر يصل بعضها إلى ثمانية طوابق، هذه المنطقة شهدت على حضارات قديمة قبل الميلاد يُستدل عليها بالنقوش، كانت القرية بديعة مصممة تصميمًا ذكيًا، تتضمن متحفًا يحوي قطع أثرية تتعلق بنمط الحياة والأدوات والأزياء، ومتجرًا لبيع التذكارات اقتنيتُ منه كل التماثيل النسائية التراثية بالزي الجنوبي والوشاح البرتقالي الخاص بنساء الجنوب والحقيبة ذات النقوش البهية «القط العسيري». لست من هواة اقتناء التذكارات لكن لهذه الرحلة شأن خاص.

(قرية رجال المع)

كما وأحببت زيارة القرى الأثرية الأخرى، مثل قرية «العكاس» وقرية «المعتق»، قرىً أثرية لكنها تتضمن أمرًا لفتني جدًا، بيت قديم من حجر يلتصق به بيت حديث من الأسمنت! ذكر لي المرشد السياحي الذي ينتمي إلى نفس القرية أن «الجيل الجديد من نفس الأسرة في القرية يقومون ببناء بيوتهم بجانب بيوت الأجيال السابقة من الأسرة»، تتجلى في مثل هذا قيمة العراقة والحفاظ على الامتداد أن يحيا الحاضر بجانب الماضي، كنت أتأمل تلك البيوت وأنا أقود الدراجة في مسارات القرية مع مجموعة من الشابات نزيلات المزرعة اللاتي قدمن حديثًا من الدول العربية المجاورة، كان التنزه في أمان تام، أستشعرُ في كل منعطف شيئًا من الاتساع الذي بحثت عنه، لم أتوقف إلا لأخذ حبة من فاكهة «البخارة». أتمعن في مذاقها الحالي الحامض، أستنشق رائحة الحطب والشاي عند المنعطفات.

(سد عشران- قرية العكاس)

«أبو نورة» العظيم

خلال هذه الرحلة كان النجم هو «أبو نورة» ولا «محمد عبده»، بل السيد «عصام رجب»، كان الانسان النجم! يشّع حكمةً وبهجة، كل مَن عرفه من نزلاء المزرعة شهد على أنه مثال للأب العصري، المرن المتقبل، النابض بالحياة، يحب الطبيعة والبشر، يحترم الاختلاف، يحيا الحياة بحيوية، أتذكر في كل جلسة نحتسي فيها الشاي تحت ضوء القمر ونناقش مواضيع مختلفة ثقافية واجتماعية، نستقطع جزءًا من الجلسة لنُعبر عن عظمة «أبو نورة» بالنسبة لنا، كنا منبهرين بحكمته وانفتاحه في التواصل ومشاركة تجارب حياته، الأخطاء التي تعلم منها، المواقف التي صنعت منه هذا الشخص، كان حريصًا على خلق الرابطة الآمنة بأبنائه وتقديم الحنان غير المشروط، أذكر في احدى الليالي عند عودتنا للمزرعة لم نجد مَن يعيدنا لها، سوى سائق يقود سيارة قديمة فراملها تُعاني جراء النزول من الجبل والصعود له، كان الطريق وعرًا جدًا، وقيادته ليست الأفضل، أثار ذلك في نفسي الرعب، عند عودتنا بسلام أخيرًا، كنت أتأمل «أبو نورة» وبناته وخالد، ينعمون بلحظة سكون وتسليم ورضا، وانا ما زلتُ ألتقط انفاسي، قلت لهم حينها «الروقان اللي فيك يا أبو نورة انت واسرتك يحسسني انو ما قد مر عليكم شيء صعب؟» أخبرني بعدها بغير ذلك، لكن فلسفته في الحياة وتركيزه يجعله يخرج من الصعاب بأفضل ما يمكنه. أخبرتني نورة وندى بعدها أنهم في أمانٍ لأن والدهم قريب، بوجوده يأتي الأمان، يذكر السيد عصام أنه كأبٍ أعزب اعتاد على القيام بأدوار متعددة لتحقيق الأمان والراحة لأبنائه، يحرص دائمًا على أن يكون هناك وجبة مشتركة يستغرقون فيها ساعات أحيانًا لأنها لحظة اتصال عميقة يتحدث فيها الجميع عن كل شيء دون قيود، فكل شيء في أسرة السيد «عصام» قابل للنقاش، هذه هي البيئة الاسرية التي شيدها «أبو نورة»، كنا مفتونين طيلة الرحلة بكيفية تواصله وتفاعله وحكمه في الحياة ومواقفه.

(السيد عصام رجب)

الاستكشاف‏‏‎ ‎كهدف‏‏‎ ‎مشترك‏‏‎ ‎للمجموعة

هذا يومنا الأخير في المزرعة، اقترح «أبو نورة» انشاء مجموعة تضمنا على «واتساب»، لتكون مساحة نتشارك فيها خطط الرحلات القادمة في داخل المملكة حيث ينوي الجميع هُنا استكشاف المزيد من مدن ومناطق المملكة، «أبو نورة» ذو الطبيعة التواصلية يضع البذرة وها نحن الغرباء بالأمس أصبحنا اليوم أشبه بالأسرة ذات الاهتمامات المشتركة، السعي للاستكشاف والاتساع، نحتفي جميعًا بأجمل ما في المملكة.

في طريق العودة إلى الرياض، علمتُ بأني سأكون صديقة «عسير»، سأعود حتمًا، مرة واثنتان وثلاث، وجدت نفسي أنظر في جدولي متى ستكون الإجازة القادمة لأعود؟ وها أنا بعد ثلاثة اسابيع من عودتي للرياض لا زلت أخطط للسفر من جديد لعسير.

(عقبة حبو – عسير)

18
0
اشتراك
تنبيه
guest

0 تعليق
الأقدم
الأحدث
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات

مقالات مُقترحة

ثنائية الحزن والشغف
21 كانون الأول

|

الأدب والفلسفة
وقت القراءة: 5 دقائق
علّمني طفل
3 تشرين الثاني

|

العمارة
وقت القراءة: 7 دقائق
الإنسان وتعدد الخيارات، أطلق رصاصة الرحمة!
5 كانون الثاني

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 3 دقائق

عازف الموسيقى: %s

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً