وضع الحدود في العلاقات ليس تقييدًا ولا جفاءً، وإنما وعي بالذات وحماية لحقوقها، وصون للعلاقات من أن تفسدها المبالغة أو الإهمال. فعندما ندرك احتياجاتنا ونفصلها عن احتياجات الآخرين، نصبح أقدر على بناء مودة نقية ومتوازنة، كما تقول الدكتورة كاثرين ساندِرسون، أستاذة علم النفس في كلية أمهرست.
وتضيف الدكتورة ساندِرسون أن غياب الحدود كثيرًا ما يفضي إلى انفجار عاطفي، لأن المرء يهمل حقوقه في العلاقة، ويغفل عن معرفة ما يحتاجه منها. وحينها يعجز الطرف الآخر عن تلبية احتياجاتنا الضبابية أو احترام مطالبنا غير المنطوقة. أما وضع الحدود فيزيل هذا الضباب، ويمكّننا من الاستمرار في علاقة مريحة، من غير استنزاف ولا مرارة.
أنواع الحدود
يصنّف خبراء الصحة النفسية الحدود إلى ثلاثة أنماط رئيسية:
الحدود الصارمة (عصية على الاتباع): يتبنّاها من يتجنّب العلاقات الوثيقة، ويجد صعوبة في منح ثقته، ويتجنب طلب المساعدة.
الحدود المسامية (سهلة الاختراق): أصحابها يفرطون في كشف أسرارهم، ويتهاونون في حقوقهم، وينغمسون في مشكلات غيرهم، ويستثقلون قول “لا” حتى ولو على حساب أنفسهم.
الحدود الصحية: وهي الاعتدال المطلوب؛ إذ تحفظ للمرء حاجاته وحقوقه، وتمنحه حرية التعبير عن رغباته، وتمكّنه من الرفض بأدب.
وغالبًا ما يمزج الإنسان بين هذه الأنماط تبعًا لاختلاف علاقاته؛ فقد يكون ذا حدود مسامية مع شريكه العاطفي، وصارمًا مع زميله في العمل.
توضح المعالِجة النفسية نيدرا تواب أن الغاية هي الوصول إلى منطقة وسطى يتوافر فيها التوازن والمرونة، مؤكدة على أن الإفراط في الصرامة لا يقل ضررًا عن الإفراط في التساهل، فكلاهما يهدد متانة العلاقة ويجعلها عرضة للتصدع والانهيار.
المصدر: New York Times