في عام 1854 ميلادي، سُجلت كلمة "تعفن الدماغ" في كتاب هنري ثورو "والدن"، الذي يحكي عن تجربته الشخصية في العيش حياة بسيطة في البرية. وذكر هذه الكلمة في سياق انتقاده للمجتمع قائلاً: "بينما تسعى إنجلترا لحل مشكلة تعفن البطاطس، ألن تحل مشكلة تعفن الدماغ التي تنتشر بنطاقٍ أوسع وأشد فتكًا؟". فما الذي دفع هنري إلى إطلاق هذا المصطلح على العقول البشرية المحمية من الفطريات؟
لا يرمز هذا المصطلح إلى حالة طبية حرفية، بل هو استعارة تعبر عن تدهور الحالة العقلية للشخص وانخفاض مستواه المعرفي نتيجة الإفراط في الانشغال بما هو تافه أو غير مهم. وعلى الرغم من أن هذا المصطلح ظهر قبل ما يقارب مائتي عام، إلا أنه لاقى إنتشارًا واسعًا مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، مع تغيّر طفيف في معناه. اليوم، يرمز المصطلح إلى كل محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي منخفض الجودة، والذي يسهم في تدهور الحالة العقلية بنفس الطريقة التي وصفها ثورو.
كما أصبح المصطلح عنوانًا للغة جديدة انتشرت عبر هذه المواقع، تُعرف بـ"لغة تعفن الدماغ"، حيث تستخدم مصطلحات معينة ترمز لمعانٍ محددة، وتنتشر بسرعة كالنار في الهشيم بين المستخدمين، لتصل متأخرة إلى الواقع الحقيقي.
في عام 2024، تم اختيار كلمة "تعفن الدماغ" ككلمة العام من قبل معجم أكسفورد، إذ أنها تلخص واقعاً صارخاً بين أوساط الشباب والمراهقين والأطفال، وتعبر عن مشكلة متزايدة يعاني منها الجميع بدرجات متفاوتة.