نعقّد حياتنا حينما نخسر العفوية ونختار أن نعيش وفقًا لأطر وقوالب تصنعها لنا مواقع التواصل الإجتماعي، فطوال الوقت يخاطب عقولنا شيء موحد الـ (Trend) حيث ملايين البشر حول العالم يشتركون في نفس الشيء الشائع، وعبر قصص وحالات ومنشورات وتغريدات، تجد أن هناك من يُملى عليك ما يجب أن تفعله وكيف تفعله، والطريقة المُثلى لفعله، والشعور الذي يجب أن تشعره بعدما تفعله! وفي النهاية تتفاجأ أنك تعيش حياتك وفقًا لقالب لا يناسبك، وأن كل شيء يحدث في حياتك يجب أن تؤطره في إطار محدد يُفرض عليك، وإلا ستشعر أنك غريب لا تنتمي لكل هؤلاء الناس، وربما تشك في حقيقة حياتك وسعادتك الشخصية، ويصل بك الأمر الشعور بأنك لم تقم بالفعل إذا لم تتبع القالب.
وهنا مكمن التعقيد في حياتنا الحديثة، حيث أن هناك دائمًا هذا الآخر الذي يقول لنا كيف نشعر؟ هذا الآخر يعيش في هاتفنا طوال الوقت، يحكي قصة زواجه المثالي الذي يعيشه، ورحلته المُثلى حول العالم، وطريقة الأكل المناسبة، والأطعمة المدهشة التي جربها. وكلما تطورت منصات التواصل باتت التقنية أقصر ومحملة بمشاعر مضاعفة ومركزة، فأصبحت تشبه الطلقة، تصيبنا فتربك معاييرنا، وتشعرنا بعدم الرضا عن حياتنا.
استسلامنا لهذه المشاهد يجعلنا فقط نقوم بالفعل لا من أجل ذلك الفعل، وحاجتنا له، بل لنستورد الشعور من ذلك الآخر الذي بدا سعيدًا أمام الكاميرا! وهكذا ننفصل عن الفعل وننغمس في تزييف الشعور، والخطر الحقيقي هو أننا اقتربنا من نسيان كيف نشعر بالسعادة الحقيقية، من كثرة تزييفنا الشعور بالسعادة.
المزيد من هذه المقالة