جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2025

تقبل حقيقة أنك مبتدئ، عن لذة التعلّم!
12 حزيران
النفس والعاطفة

تقبل حقيقة أنك مبتدئ، عن لذة التعلّم!

12 حزيران

|

النفس والعاطفة

تحرير سارة الخالدي

في خضم تعرضنا على حيوات بعضنا البعض بشكل دائم خلال اليوم، و لسهولة الوصول لمعرفة تفاصيل يوم شخص ملهم لك في عملك أو أحد هواياتك، تتوقع من نفسك أنك تبرع في الكثير لمجرد تعرضك للكثير من محتواه؛ فتصبح متمكن فيه، وتحبط عند أول مطب يختبر عدم تمكنك من فعل معين.

نسينا كيف تعلمنا المشي!

ونسينا أن قبل المشي كانت هناك مهارات تجاوزناها لنبدأ به، وكل مهارة تتطلب إتقان مهارة تسبقها.

قبل المشي أتقنا مهارة الالتفات، ومهارة الزحف والجلوس والدوران ومن ثم الوقوف بواسطة مساعد للاتزان، إلى أن وصلنا للمشي.

هذه   المهارة   البسيطة   اليسيرة   اليوم، نسينا   أنها   لم   تكن   بهذا   اليسر   يومًا   ما!

شرعت بكتابة هذه المقالة لأني اختبرت عامي الماضي بكثرة قدرة تحملي لشعور أني مبتدئة، وهو شعورٌ ليس بيسير، بالذات عند وجود صوت يخبرك دائمًا بأن لا إشكال في عدم فعلك ما تفعله، والقدرة على تجاوزك لهذا الصوت هي القوة الحقة!

في منتصف العام الماضي،

اشتركت في نادي رياضي وكانت لدي رغبة بأن أتعلم على الرياضات المتعلقة برفع الأثقال، أول أسبوع من هذه الرحلة كان منهك جسديًا ونفسيًا، زارتني مشاعر آخر عهدي بها عندما ذهبت مع أمي للتسجيل في المدرسة الابتدائية.

الشعور المنتصر حين ذاك أنني أتعرى أمام الجميع بعدم معرفتي بعمل تكنيك يبدو أنه بسيط؛ كيف لهذا البسيط يكون بهذه الصعوبة وكيف يرى من حولي جهلي هذا! ويتبنى عقلي أصوات تجترُ معها مشاعر بغيضة، في كل مرة تنتقل عيناي مضطربة الحركة وتلتقط وجود أحد بجانبي في الأمام أو الخلف، بأنه أكتشف جهلي والآن هو يقيمني ومن المؤكد بأن تقييمه سلبي.

وفي الحقيقة والواقع إن “محد درى عني”!

والشعور الذي يصاحب جميع المشاعر والأصوات هو شعور القلق حيال ما أفعله، هل سأتمكن من رفع هذه الأثقال؟ ماذا لو أُصبت بإصابة تحرمني من الحركة؟ هل سيكون مظهري متناسق لو هذه العضلة كانت أكبر من غيرها؟ والكثير الكثير من هذا النوع من الأسئلة.

تطلب مني الأمر صبرًأ في أول أسبوع، وتطلب الالتزام بقية الأسابيع، بعد خمسة أشهر وبعد تمكني من فعل جميع التمارين بدون أي إصابات وبزيادة حجم الأثقال، اجتاحني شعور غامر بأني أستطيع فعل أي شيء طالما تخطيت البداية. 

بدأت بتدريب صديقتي على نفس التمارين التي تعلمتها، واسترجعت كل شعور غير مستساغ تشعر به حتى وإن لم تخبرني، ولاحظت الارتياح الذي ينصب على وجهها عندما أخبرتها أنها في مرحلة طبيعية وأنها الآن في مقام طلابها الذين تعلمهم الحروف والمهارات البسيطة.

تكررت المشاعر ذاتها باختلاف حدتها عند تعلمي لقيادة السيارة، وعند نشر أول مقالة لي هنا في قوثاما، وعند أول إغلاق لمشروع من مشاريعي الخاصة. 

ولا يقتصر أن تكون مبتدئ على المهارات فقط، بل أن تكون مبتدئ في شعور ما، هل تتذكر أول مرة كان لديك صديق؟ وعن محاولاتك الدائمة بأن تبقي هذه الصداقة بوسائل الاتصال المختلفة و بالزيارات والهدايا؟ وأول علاقة عاطفية، وأول خيبة أمل، أول إنجاز تقوم به في مقر عملك، وأول مرة تلقيت فيها خبر صادم لوفاة عزيز أو قريب؟

كل هذه البدايات كوَّنت مفاهيم   ومشاعر وطرق تعبير ومهارات لتكون ما أنت عليه اليوم،

في حال واجهتها ولم تلتفت لكل مناداة للهروب، أكاد أجزم بأننا نستطيع تخطئ كل ما لا نرغب به، وأن نفعل كل ما نرغب به بمجرد أن نتخطى البدايات.

جميعنا يريد أن يتقدم ولا يتوقف عن زيادة مهاراته، ولأننا كائنات ليست بصلابة الحجر تزورنا مشاعر تنادينا لمناطق راحتنا، ولكن يجب إدراك أن هذه الأصوات لن تجعل أنفسنا إلا أنفس كهلة لا تتقدم في الحياة!

وهذا ما لا نرغب به!

كل ما يتطلبه الأمر منا هو التذكير بأننا هنا مبتدئين في كل شيء وهذه أحد ملذات الحياة، والقدرة على أن تكون مبتدئً.

واحتسبها لذة لأن ما يأتي من بعد تمكنك من فعل مهارة أولية أو شعور أولي، يستحق كل ذاك العناء. 

وشعور النشوة بأنك بلغت منالك هو ما يضيف لهذه الحياة معنى إيجابي يمكنك من التعامل مع المعاني السلبية الموجودة أو الآتية لا محالة، وكما يذكر بأن كل معنى أو تجربة سلبية تحدث لنا يجب أن يلحقها خمسة معاني أو تجارب إيجابية لكي يخفف من أثرها علينا.

فعليكم يا أصدقاء،

أن تبدؤوا بزيادة رصيد التجارب والمعاني الإيجابية في حياتكم.

38
0
اشتراك
تنبيه
guest

9 تعليق
الأقدم
الأحدث
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات

مقالات مُقترحة

كيف نفهم السعادة؟
7 تشرين الثاني

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 6 دقائق
أزمة منتصف العمر والعمر كله!
9 كانون الثاني

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 5 دقائق
سباق مع الزمن
24 أيلول

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 5 دقائق

عازف الموسيقى: %s

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً