بعد أن أمنت
حقائبي بالكثير من العسل الذي سوف يجعلني الابن
الأكثر برًا في نظر أمي لمدة لا تقل عن سنتين مع
الوعد بالتجديد. بدأت أتجول في أحياء أبها بعقلية
السائح أسأل عن ماذا يحدث في المدينة، ما هي أهم
الفعاليات المتاحة، ماذا يجب أن أزور وكأنني من
كولومبيا لا أعرف شيئًا. لاحظت زحمة ذكرتني
بالرياض لوهلة وهذا شيء لم اعتاده في أبها، اتبعت
مسار الزحمة من خلال قوقل ماب حتى وصلت لملعب كرة
قدم!.
ماذا يحدث؟
ماهو الحدث الذي جعل الجميع يزدحمون من أجله؟ اتضح
لي من خلال سؤال المارة أن هنالك مباراة مهمة في
كأس السوبر السعودي بين الهلال والأهلي، وعلى
الرغم من عدم اهتمامي عادةً بهذا النوع من الأحداث
إلا أنني وجدها فرصة مناسبة للفهم. من المستحيل أن
يجتمع آلاف من البشر على شيء ولا يكون في جوهره
سبب مهم أو شعور ممتع. دخلت الملعب ولبست عقلية
المشجع لايهم لأي فريق المهم أن أكون مشجعًا
ومتحمس جدًا.
لو كان هناك
مؤشر بياني للشعور في داخلي، لكان مفاجئ جدًا لي
شخصيًا قبل أي أحد آخر. قبل دخولي للملعب كُنت
مرهقًا، مُنخفض الطاقة بسبب يوم طويل. وبمجرد
دخولي لهذا التجمع وكأنني شحنت بحماسهم الذي لا
أفهمه، وبسعادتهم التي لا استوعبها. وبدأت بتفعيل
شخصية جديدة وهي شخصية الباحث الأنثروبولوجي واسأل
من هم حولي بالمدرجات عن أسباب حماسهم، وماذا يعني
لهم الفريق، ولأي درجة يتأثرون بما يحدث لذلك
الفريق من هزيمة أو فوز. تبيّن لي في نهاية
المباراة التالي:
أن أي تجمع بشري مُصمم
لغرض الاستمتاع هو مُعدي طاقيًا. لا يهم فهمك
للسياق مجرد وجودك في هذه البقعة هي حالة
تستحق الزيارة.