قد يختلط عليك دافع إعداد حقيبتك ومغادرة بيتك والتوجه لرحلة خارج المدينة أو حتى خارج الدولة؛ هل شعورك بال(طفش) يدفعك للهرب؟ أم أن (طفشك) هذا ذو نوايا حسنة فأوقظ فضولك لاستكشاف مدينة ما، وأشعل رغبتك في التعلم وعيش تجربة جديدة تُجدد بها نشاطك؟ سأحاول البحث معك عن دوافعي في هذه الفقرة.
السفر هربًا من الواقع حالة موجودة في مجتمعاتنا، وهو ليس جُبنًا أو عدم قدرة على المواجهة بقدر ما هي حاجة إلى مساحة خالية من الملل كي يستطيع الإنسان الانفراد بذاته وفهم أولوياته والنظر في مشكلاته وإيجاد حلولًا جذرية لها، هربك للسفر أحيانًا هو عين الشجاعة، لو أنك تعلم يقينًا أن هدفك منه الاختلاء بالذات وتجديد الطاقة، قبل العودة لمواجهة الواقع وحل تعقيداته.
أعرف أن كلمة دهشة أصبحت متكررة ومُملة في السنوات الأخيرة، لكني مُضطرة لاستخدامها؛ فطاقتنا تتجدد وأواحنا تتسع والنور فينا يسري مع كل دهشة جديدة، وكل كلمة (أوه!) أو (أها!) تُعبر عن إدراك مُباغت مصحوب بدهشة المعرفة وسعادة اكتساب معلومة جديدة ومنظورًا أوسع للعالم، هذا الشعور الرائع والمختلط يتحقق دومًا بالسفر، وإنسان اليوم يضع السفر بغرض التعلم والاستكشاف والشعور بلحظة دهشة كأولوية تسبق التقدم المهني أو امتلاك بيت أو الزواج والاستقرار.
تتداخل دوافعنا للسفر عند الشعور بالملل؛ هل هو هرب وحاجة إلى مساحة منفردة، أم فضول ورغبة في الدهشة، لكني وصلت لقناعة أنهما متلازمان بشكلٍ ما، وأصبحت أهتم أكثر بالنتيجة، وهي أنني أتجدد وأعثر على قطعة أُحجية ناقصة من روحي كلما انغمست في تجربة مُخالطة لثقافة جديدة، أو تنقل بين مدن بلدي.