قديمًا كان الإنسان عند زيارته لقبيلة أخرى، يبدأ بزيارة شيخ القبيلة، وبعد هذا اللقاء الشيخ هو من يقرر صناعة التجربة للضيف. فيشير إليه بالذهاب لفلان وعلان، ويقيم المأدبة التي تُمثل القبيلة.
لذا قررت أن أذهب لشيخ جدة وهو البلد أو "جدة القديمة". من هناك سوف أبحث في تفاصيلها، وأتأمل مبانيها واسمح للشيخ "البلد" أن يدلني على الخطوة القادمة لاستكشاف المدينة. وبالفعل دخلت البلد في الساعة ٨:٣٠ مساءً كون وقت زيارتي في فصل الصيف وحرارة الطقس لا تسمح لي بالزيارة الصباحية. دخلت من منطقة باب نصيف، ودخلت بيت عائلة نصيف، بالمناسبة فعائلة نصيف تعتبر من العوائل العريقة في منطقة الحجاز. وفي هذا الباب تمت استضافة الملك عبدالعزيز في أول زيارة له للحجاز. واليوم هو "ضمن مجموعة بيوت جدة التاريخية المسجلة ضمن مواقع التراث العالمي في منظمة اليونيسكو. ولقد جرى تأهيلها والاهتمام بها من قبل الدولة. أصبح بيت نصيف مزارًا ومتحفًا تاريخيًا للزوار والسياح، فهو يحتوي على مجموعة لوحات وصور تذكارية لمبان ومعالم قديمة، كما يحتوي مجموعة نادرة من التحف والمقتنيات الأثرية والأعمال الفنية.
ومن هناك بدأت بالتجول العشوائي، فأنا اكتشف الأماكن بالمشي، والأشخاص بالأسئلة. وجدت مقهى قهوة في مكان عتيق جدًا بجانب بيت نصيف، دخلته لتعويض المياه التي خسرتها بالمشي. وجدت شابًا من جيل الألفين، وخضت معاه محادثة رائعة كانت كما يلي:
الشاب : هلا فيك في جِدة البلد، وش حاب تشرب.
أنا : مويه وأي شيء غير القهوة.
الشاب : تحتاج كركدية يروقك
أنا : مدري ماقد جربت كركدية، حلو ؟
الشاب : الكركدية له قصة، كانوا السودانيين أيام الحج والعمرة يجيبوا معهم كركدية ويحطوه بموية باردة عشان الحرارة وضغط السفر، وانتشر بين الناس هنا وصار الكل يستخدمه، جربه وبتحبه مرا.
أنا : هات ونشوف، ولو ماعجبني برجعه. تمام ؟
الشاب : ياحبيبي أنتا مثل ابويا علينا الحساب.
"ابويا !! لا واضح أني كبير جدًا"
بعد استراحة الكركدية استمريت بالمشي في البلد، وفعلاً مكان رهيب تنغمس فيه أو ينغمس فيك. الأكيد أنها تجربة رهيبة مليانه تنوع في كل شيء. الأكل والشرب، الجنسيات المتاحة، الأزياء، العمارة.