جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2025

الإلتزام يصنع الأبطال
19 أيار
النفس والعاطفة

الإلتزام يصنع الأبطال

19 أيار

|

النفس والعاطفة
بدعم من

فاز الكندي كريس بامستيد بلقب “مستر أولمبيا” في البطولة العالمية لرياضة كمال الأجسام لعام 2024 في فئة الكلاسيك فيزيك. تعتمد هذه الفئة على جمالية وتناسق العضلات مع بعضها البعض، بالإضافة إلى حجمها العضلي ومدى انخفاض نسبة الدهون في الجسم. حيث يستعرض المتسابق عضلاته عبر وضعيات محددة تُظهر مدى جدارته واستحقاقه للقب.

الجدير بالذكر أن كريس حقق اللقب وفاز بالميدالية الذهبية للمرة السادسة على التوالي لهذا العام، ما يُعد إنجازًا استثنائيًا في مسيرته التي امتدت لثمانية أعوام متتالية. ففي أول سنتين من مشاركاته، احتل المركز الثاني، لكنه بعدها واصل اكتساح المركز الأول عامًا تلو الآخر، متفوقًا على نفسه في كل مرة. يُعتبر هذا العام تتويجًا جديدًا لمسيرته المميزة، حيث بدأ رحلته في رياضة كمال الأجسام منذ سن المراهقة، وشق طريقه نحو البطولة العالمية، ليحصد الميداليات الذهبية عامًا بعد عام.

لم يكن تفوق كريس بسبب ضعف مستوى المنافسين، بل على العكس، كانت المنافسة شرسة للغاية، والفروقات بين المتسابقين لا تكاد تُذكر. إلا أن كريس تميز بضخامة عضلاته وتناسقها المثالي، وهي نتيجة مباشرة للتدريب المكثف والتغذية الدقيقة. وقد وثّق كريس مدى التزامه بخططه التدريبية والغذائية عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث أظهر تفانيه في اتباع خطة محكمة ودقيقة تشمل ممارسة الرياضة وتناول وجبات غذائية محسوبة القيمة بدقة. الالتزام بهذه الخطط لأشهر طويلة ليس بالمهمة السهلة كما قد يظن البعض؛ بل يتطلب مستوى عاليًا من الانضباط والتحمل بغض النظر عن الظروف. وهذا ما نجح فيه كريس عامًا بعد عام

في أحاديث كثيرة عن الالتزام، نجد أنه مهارة ضرورية وأساسية للسعي في هذه الحياة، فهو يجعل الشخص قادرًا على التحكم بنفسه في السياق المطلوب. أطلقت كيلي موكينجال كتابًا بعنوان The Willpower Instinct، تناولت فيه موضوع الانضباط والعوامل المؤثرة فيه وكيف يمكن أن نصبح أشخاصًا أكثر انضباطًا.

قسّمت كيلي الانضباط إلى ثلاثة أقسام: القيام بما يحسن جودة الحياة، وترك ما يعيق السعادة والصحة والنجاح، والتركيز على أهم هدف بعيد المدى. أوضحت أن الانضباط ليس مجرد القدرة على قول “لا” للمغريات المحيطة كما يعتقد البعض، بل هو منظومة شاملة تتطلب وعيًا وإدارة ذاتية متكاملة.

كل شخص منا قادر على التحكم بنفسه، ولكن مدى قدرته على ذلك تحدده عوامل كثيرة، منها صحته الجسدية، استقراره المادي، نجاحه، جودة علاقاته، وحتى مستوى التوتر والسعادة في حياته. وللوصول إلى التحكم المنشود، يتطلب الأمر تدريب النفس على الانضباط من خلال فهم آليته ومعرفة التمارين المساعدة لتحقيقه. جزّأت كيلي آلية الانضباط إلى عدة أقسام في كتابها وشرحتها بالتفصيل

آلية الإنضباط

الإنضباط يتأثر بالدماغ، فأفكارنا ومشاعرنا وأهدافنا تتضارب مع بعضها البعض، الفص الجبهي هو الجزء المسؤول في الدماغ عن التفكير المنطقي والتركيز، وينقسم بحد ذاته إلى ثلاثة أقسام: الجزء الأيسر مسؤول عن فكرة “سأفعل”، والأيمن “لن أفعل”، والجزء السفلي مسؤول عن “أريد أن”. فعندما تنطلق هذه الخلايا بسرعة يصبح الشخص مندفعًا ويقاوم المغريات من حوله. والفص الجبهي يقع فوق جزء آخر من الدماغ، وهذا الجزء يعمل كمحرك لغرائزنا وفطرتنا الطبيعية كبشر. والإشارات التي يطلقها هي التي تساعدنا على النجاة. فعلى سبيل المثال، مشاعرنا هي التي تمنعنا من القيام بأي شيء قد يؤذينا. فهناك تضارب ما بين الجزئين، واحد منهم يدفعنا للقيام بشيء ما، والآخر يمنعنا، فتقوم معركة صغيرة داخل الدماغ، تمامًا مثل أن نرغب بتناول السكريات حينما نتبع حمية غذائية.

وهنا يستطيع الشخص أن يطور من وعيه الذاتي لكي يعزز من انضباطه، فيجب أن يفهم دوافعه ويحددها كي يصبح قادرًا على التحكم بها، وحينها يمكن أن يعمل الفص الجبهي بالشكل المطلوب ويساعده على اتخاذ القرار الصحيح بدلًا من الهرب إلى الخيار الأسهل. وكلما درّب الشخص نفسه، كلما كبر الفص الجبهي وأصبح أقوى. فما هو مدى حجم الفص الجبهي عند كريس بامستيد يا ترى؟

عضلات التحكم بالذات

إما تُستخدم أو تُخسر، هذه قاعدة معروفة بشأن عضلات الجسم، فإن لم تُمرّن عضلاتك باستمرار وتُعرّضها لشدة مناسبة ستفقد ما بنيته منها وتصبح ضعيفة، وبالمقابل إن أُرهقت بالمبالغة ستعاني من الإجهاد. لذا، لا بد من اتباع خطة تدريب متوازنة لتحقيق البناء العضلي. كذلك الالتزام، فمن الضروري أن يُوازن الشخص بين الدفع بجهوده إلى أقصى حد وأخذ الراحة اللازمة. يجب عليه فهم الأسباب التي تدفعه للتوقف وهو ما يزال قادرًا على المضي قُدمًا، ومعرفة كيفية التحكم بنفسه وبناء “عضلات الانضباط” لتحقيق أهدافه.تلخص كيلي أن مهارات التحكم بالذات تكمن في الوعي الذاتي، والعناية بالنفس والمفتاح هو إدراك الخيارات بحد ذاتها بدلًا من اتباعها دون وعي.

المشتتات والمغريات من حولنا كثيرة، مما يجعل من السهل الموافقة بدلًا من الرفض، خاصة إذا كانت الموافقة عكس ما نصبو إليه بالالتزام. وهنا يظهر دور التحكم بالذات. في كتاب “الانضباط الذاتي”، وضح المؤلف أن المشكلة قد تنبع من الطفولة، حيث أن الإفراط في تدليل الطفل وعدم رفض طلباته يؤدي إلى اعتياده الحصول على ما يريد في أي وقت دون جهد يذكر. وعندما يكبر، يصبح عاجزًا عن ضبط نفسه ليحصل على ما يريد، وهذا عكس ما تربى عليه

.من جهة أخرى، هناك من يسعى إلى الكمال المطلق، فيرفض التدرج أو التغيير البسيط، وعندما يواجه صعوبة، يميل إلى ترك كل شيء. كذلك أشار الكاتب إلى “البرمجة السلبية”، وهي أنماط سلبية تتكون بفعل تأثيرات الطفولة والبيئة المحيطة، كالأصدقاء، المدرسة، والعائلة، ما يجعل الفرد يميل إلى السلوكيات التي تعيق انضباطه الذاتي.لكن يظهر دور الوعي هنا، فعندما يدرك الشخص هذه العوامل ويتغلب عليها، يصبح قادرًا على تحقيق ما كانت تمنعه منه. وقد لا تكون هذه البرمجة السلبية بسبب العادات فقط، بل أيضًا بسبب إخفاقات الحياة التي قد تكون معيقة وتدفعنا للاحتكام إلى تجاربنا السابقة. وبغض النظر عن مصدر هذه البرمجة، يظهر انضباط الشخص حين يتغلب على المعيقات. وهذه رحلة طويلة تتطلب الإخفاق والنجاح، فالإخفاق بعد النجاح وارد إن لم يستمر الشخص في تدريب “عضلات التحكم بالذات”.

لا أمتلك أدنى شك في أن هذه المفاهيم للانضباط مدرجة في خطة كريس بامستيد، ومن المحتمل أن تكون إحدى العوامل المساعدة له ليصبح البطل الحائز على الذهب ست مرات على التوالي. المفاجئة كانت  إعلانه لاعتزاله بعد دقائق قليلة من فوزه وهو في أوج تألقه فوق ذات المسرح. ظننت حينها أن سعة الانضباط والالتزام بلغت أقصاها، خاصة عندما أوضح أنه اضطر للتضحية بالكثير في سبيل الفوز. لكن المفاجأة الأكبر كانت إعلان مشاركته في فئة الوزن المفتوح، التي تعتمد على مدى ضخامة العضلات. وظني، على ما يبدو، كان خاطئًا، فالإنجازات أصبحت دافعًا لإنجازات أخرى وانضباط أكبر، وربما تتويجه كبطل للقب آخر.

10
0
اشتراك
تنبيه
guest
0 تعليق
الأقدم
الأحدث
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات

مقالات مُقترحة

محاولات تحسين سرمدية
1 حزيران

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 5 دقائق
نحن أبناء الجسور
25 أيار

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 7 دقائق
الإلتزام يصنع الأبطال
19 أيار

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 6 دقائق

عازف الموسيقى: %s

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً

/* InstantClick 3.1.0 | (C) 2014 Alexandre Dieulot | http://instantclick.io/license */ var InstantClick=function(d,e){function w(a){var b=a.indexOf("#");return 0>b?a:a.substr(0,b)}function z(a){for(;a&&"A"!=a.nodeName;)a=a.parentNode;return a}function A(a){var b=e.protocol+"//"+e.host;if(!(b=a.target||a.hasAttribute("download")||0!=a.href.indexOf(b+"/")||-1+new Date-500||(a=z(a.target))&&A(a)&&x(a.href)}function N(a){G>+new Date-500||(a=z(a.target))&&A(a)&&(a.addEventListener("mouseout",T),H?(O=a.href,l=setTimeout(x,H)):x(a.href))}function U(a){G=+new Date;(a=z(a.target))&&A(a)&&(D?a.removeEventListener("mousedown", M):a.removeEventListener("mouseover",N),x(a.href))}function V(a){var b=z(a.target);!b||!A(b)||1p.readyState)&&0!=p.status){q.ready=+new Date-q.start;if(p.getResponseHeader("Content-Type").match(/\/(x|ht|xht)ml/)){var a=d.implementation.createHTMLDocument("");a.documentElement.innerHTML=p.responseText.replace(//gi,"");y=a.title; u=a.body;var b=t("receive",r,u,y);b&&("body"in b&&(u=b.body),"title"in b&&(y=b.title));b=w(r);h[b]={body:u,title:y,scrollY:b in h?h[b].scrollY:0};for(var a=a.head.children,b=0,c,g=a.length-1;0<=g;g--)if(c=a[g],c.hasAttribute("data-instant-track")){c=c.getAttribute("href")||c.getAttribute("src")||c.innerHTML;for(var e=E.length-1;0<=e;e--)E[e]==c&&b++}b!=E.length&&(F=!0)}else F=!0;m&&(m=!1,P(r))}}function L(a){d.body.addEventListener("touchstart",U,!0);D?d.body.addEventListener("mousedown",M,!0):d.body.addEventListener("mouseover", N,!0);d.body.addEventListener("click",V,!0);if(!a){a=d.body.getElementsByTagName("script");var b,c,g,e;i=0;for(j=a.length;i+new Date-(q.start+q.display)||(l&&(clearTimeout(l),l=!1),a||(a=O),v&&(a==r||m))||(v=!0,m=!1,r=a,F=u=!1,q={start:+new Date},t("fetch"), p.open("GET",a),p.send())}function P(a){"display"in q||(q.display=+new Date-q.start);l||!v?l&&r&&r!=a?e.href=a:(x(a),C.start(0,!0),t("wait"),m=!0):m?e.href=a:F?e.href=r:u?(h[k].scrollY=pageYOffset,m=v=!1,K(y,u,r)):(C.start(0,!0),t("wait"),m=!0)}var I=navigator.userAgent,S=-1b;b++)a[b]+"Transform"in h.style&&(k=a[b]+"Transform");var c="transition";if(!(c in h.style))for(b=0;3>b;b++)a[b]+"Transition"in h.style&&(c="-"+a[b].toLowerCase()+"-"+c);a=d.createElement("style");a.innerHTML="#instantclick{position:"+(Q?"absolute":"fixed")+";top:0;left:0;width:100%;pointer-events:none;z-index:2147483647;"+c+":opacity .25s .1s}.instantclick-bar{background:#29d;width:100%;margin-left:-100%;height:2px;"+c+":all .25s}";d.head.appendChild(a);Q&&(m(),addEventListener("resize",m),addEventListener("scroll",m))},start:a,done:e}}(),R="pushState"in history&&(!I.match("Android")||I.match("Chrome/"))&&"file:"!=e.protocol; return{supported:R,init:function(){if(!k)if(R){for(var a=arguments.length-1;0<=a;a--){var b=arguments[a];!0===b?J=!0:"mousedown"==b?D=!0:"number"==typeof b&&(H=b)}k=w(e.href);h[k]={body:d.body,title:d.title,scrollY:pageYOffset};for(var b=d.head.children,c,a=b.length-1;0<=a;a--)c=b[a],c.hasAttribute("data-instant-track")&&(c=c.getAttribute("href")||c.getAttribute("src")||c.innerHTML,E.push(c));p=new XMLHttpRequest;p.addEventListener("readystatechange",W);L(!0);C.init();t("change",!0);addEventListener("popstate", function(){var a=w(e.href);a!=k&&(a in h?(h[k].scrollY=pageYOffset,k=a,K(h[a].title,h[a].body,!1,h[a].scrollY)):e.href=e.href)})}else t("change",!0)},on:function(a,b){B[a].push(b)}}}(document,location);