التوقّعات تُشبه آلة زمن معطّلة، لا تسافر إلا إلى الماضي أو المستقبل — لكنها لا تعرف طريقها إلى الحاضر.
تسرق منّا اللحظة، وتُبقي أذهاننا حبيسة ما سيكون، أو ما كان.
وفي خضم هذا الترحال العقلي، ننسى أن نعيش اللحظة الوحيدة التي نملكها حقًا: الآن.
ظننتُ أن التوقّعات ستدلّني إلى أين أذهب، لكنها في الحقيقة كبّلتني، جعلتني ساكنة في مكاني.
تأخذ ما بدأ بدافع الفضول، وتحوله إلى قائمة مهام.
حين تتسلل التوقعات، تحترق المتعة تحت وطأة الضغط. فجأة، لا يكفي أن تستمتع — عليك أن تثبت أن ما فعلته كان “مُنتجًا”.
وفي خضم الركض نحو النتائج، ننسى كيف نكون مع التجربة نفسها. نفقد الشغف، ليس لأن الشيء الذي نحبّه تغيّر، بل لأننا نحن تغيّرنا.
من السهل أن نعرف، ومن الصعب أن نتذكّر ونمارس. لأن العقل حين تأتي الفرصة، لن يتردد في حفيزك على جعلها رائعة، مُبهرة، تستحق الإعجاب.
لكن ماذا لو قررنا أن نفعل الأشياء بشكل سيء... عن قصد؟
ماذا لو كانت هذه طريقة للتمرّد على عادة الكمال؟
ماذا لو كانت وسيلة تحرير، تخلّصنا من قيد الأداء، وتُعيدنا إلى اللعب بدلاً من الضغط؟
أعطي نفسي الآن الإذن بأن أكون عادية، وربما أقل.
لأن في "الفعل الرديء" قد أجد الفرح من جديد.
ليس الفرح الناتج عن التصفيق، بل الفرح الذي يأتي من الضحك على خربشاتي وجُملي الفوضوية، من الوقوع في حب العملية ذاتها، لا الناتج النهائي.
ليس الأمر عن خفض المعايير، بل عن رفع ثقل التوقّع، وتذكير نفسي أنني لم أُخلق لأكون مثالية، بل لأكون حقيقية.
التوقّعات ليست العدو.
هي مزروعة في داخلنا، منبثقة من الطموح والرؤية، لكن حين نُمسك بها بشدّة، تُعتم رؤيتنا للحاضر، وتقنعنا أن الفرح في مكانٍ بعيد — في النتائج، في الإنجازات، في التقدير.
هناك فرق بين أن نكون مُسترشدين بأحلامنا، وأن نكون مُستعبَدين لها.