يُقال بأنّنا نرى الأشياء لا بواقعها الموضوعي وطبيعتها المجرّدة، بل نراها من نافذة خلفيّاتنا الثقافيّة والفرديّة الذاتيّة، من ذاكرتنا ومشاهداتنا اليوميّة، نراها من خلال حالتنا النفسيّة وخصائصنا الإدراكيّة.
فنحن حينما نحدّق بشيٍء ما لا ندرك لوهلةٍ أنّنا قد انصرفنا عن النظر إليه إلى التفكير فيه، فتارة نراه بعقولنا وتارة نراه بأعيننا وكثيرًا ما نراه عبر قلوبنا، وقد أشار لذلك الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت «بتداخل القدرات العقليّة لفهم الجمال في مناقشته لنقد ملَكَة الحُكم».
وهذا ما يستدعي التساؤل «هل رؤيتنا للأشياء من حولنا هي حقًّا كما عبّرت عنها فيزياء الضوء، كونها طيف من الانعكاسات والانكسارات والتشتّت؟» أم أنّها حصيلة التأمّلات والتفكّر والتعقّل والتدبّر والخواطر الممزوجة بذاكرتنا من الحنين للماضي والتعايش مع الحاضر والتشوّق للمستقبل؟ وكما قال المفكّر رودولف أرنهييم: «الرؤية ليست تسجيلًا ميكانيكيًّا، ولكنّها إدراك لمضامين التراكيب والأنماط». فهل يعني بذلك أنّنا نعطي الرؤية حقّها فعلًا وننصف ما نرى؟ أم ترانا قضاةً متسرّعين في إطلاق أحكامنا على ما نرى؟
المزيد من هذه المقالة