هل سبق وأن هممت بمشاركة التقاطة للحظة شاعرية على حساباتك الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي،
لكنها لم تكن بالجودة التي تظن أنها تستحق المشاركة؟ أو حاولت إبداء رأيك في موضوع
معين، لكنك شعرت أنه يختلف عن رأي الأغلبية؟ أو ربما رغبت بمشاركة طبق أعددته ولكنك
شعرت أنه ليس أنيقًا بما يكفي؟
قد تجد نفسك مترددًا بسبب المعايير غير المعلنة
التي يفرضها العالم الافتراضي علينا، والتي تجعلك تشعر أن ما تقدمه قد لا يكون "جيدًا
بما يكفي" للمشاركة.
على الرغم من أن الفضاء الافتراضي من المفترض أن يكون مساحة حرة للتعبير عن آرائنا
بشفافية ومشاركة هويتنا الحقيقية، إلا أنه تحول بفضل المعايير المثالية إلى عالم يتطلب
منا تقديم هوية جديدة تتماشى مع توقعات الآخرين.
تلك المعايير تنبع من تصورات وآراء الناس التي
تطولك حتى في عالم رقمي لا حقيقة له. في هذا العالم نُظهر أفضل لحظاتنا، ونضفي عليها
لمسات تجعلها أكثر جاذبية، ونخفي ما لا يتماشى مع معايير المجتمع الافتراضي، ونطمح
دائمًا لتقديم أفضل صورة ممكنة
لأنفسنا.
من الطبيعي أن يرغب الإنسان في إظهار أفضل جوانب
شخصيته ومشاركة أجمل لحظاته مع الاحتفاظ ببعض الخصوصية. لكن قد يصل الأمر لأن تطغى
هويتنا الرقمية على هويتنا الحقيقية. تلك الشخصية المثالية التي نختارها بعناية من خلف
الشاشات قد تجعلنا تحت ضغط دائم لأن نكون عليها حتى في الواقع لمواكبة تصورات الآخرين.
وقد يميل البعض إلى تزييف هوية لا تشبه لكنها
تتماشى مع توقعات الجمهور الرقمي، فيعيش أسيرًا لهوية لا تعبر عنه. هذا التناقض
بين ما يعيشه وما يعرضه يمكن أن يؤثر بشكل عميق على تصوره لذاته، ويخلق فجوة بين هويته
الرقمية التي يظهرها وتلك الحقيقية التي هو عليها.
الهوية الرقمية اليوم هي واقع ولكنها جزء مثالي
من هويتنا الحقيقية، أي تزييف فيها قد يجعلنا أقل ارتباطًا بحياتنا الواقعية. لا بأس
إذا أردت مشاركة لقطة عفوية قد لا يجدها البعض مثالية، ولا ضرر من مشاركة رأيك المغاير
للأغلبية مادام لا يضر أحد، إظهار عدم مثاليتنا بين الحين والآخر يذكرنا ويذكر الآخرين،
بأننا بشر وأن جوانب الحياة
ليست دائمًا مثالية وهذا ما يمنحها معنى وأصالة.
شاركنا تعليقك من هُنا