كم مرة أعدتَ القصة ذاتها معتقدًا أنها ستنتهي بشكل مختلف؟
الحياة ليست شريطًا يُعاد تشغيله، بل كتابٌ تُقلَّب صفحاته، لكن البعض يعلق في الصفحة ذاتها، يكرّر السطور نفسها، متجاهلًا أن الحل لم يكن يومًا في إعادة القراءة، بل في كتابة فصل جديد.
أن تغرق دون أن تشعر بالبلل، أن تتوه وأنت تدرك الطريق..
نمضي مع السفينة حيث لا نشتهي، ونرسو على موانئ التيه.
من أعماق الذاكرة نعود إلى المستقبل، نكرر الملذّات ونعبث بالحياة بلا جدوى، على أمل الوصول إلى الغاية..
وحين نصل، ندرك أنها النهاية. فهل كنا نبحث عن الغاية، أم نهرب منها؟
الوقت يمضي، والمكان يزداد ازدحامًا.. تراكمات الماضي تثقل الذهن، ومتطلبات الحاضر تستنزف الجسد، وفي زحام الأفكار تُرسم ملامح المستقبل بألوان باهتة، بينما صمتٌ صاخب يبعثر كل شيء، ليغدو الزمن كابوسًا مزمنًا..
وماذا لو فاتك قطار الأمل، وبقيتَ عالقًا في محطات الزمن تنتظر بلا يقين؟
حياة مُعاد تدويرها
هذه الحياة أشبه بلعبة تجتاز مراحلها بصعوبة، وعندما تقترب من نهايتها وتواجه الوحش الأخير، تكتشف أن خط حياتك غير كافٍ للانتصار.
الوحش قوي، صامد، بينما البطل لا يصمد لدقيقة أمامه.
تُهزم، فتعود لتكرر المحاولة على أمل أن تتغير المعطيات..
تتجاوز العقبات من جديد، بعضها يصبح أسهل.
تصل إلى النهاية، لكن لا جديد يُذكر. لم تيأس بعد.
هذه المرة تصل إلى الوحش وخط حياتك مكتمل، اجتزت العقبات بأعجوبة، تفاديت الأخطاء الساذجة، وتمسّكت بعزيمة قوية، لا شيء في الطريق ثبّط من قوتك..
لكن هيهات! الفرق لا يزال شاسعًا، بضربة واحدة يتناقص خط حياتك للضعف، بينما مجهودك الكبير بالكاد يُحدث فرقًا. تحسّن أداؤك، لكن النتيجة معروفة: يموت البطل.
هذه هي حياة البعض، لعبة بنتيجة واحدة مهما تكررت المحاولات.. إن ظلّ تفكيرك على حاله، ومسارك معتادًا، ومحطتك لا تتحرك، وقائد رحلتك كثير النوم، فلا تنتظر نتائج مختلفة، وإن تغيّرت يومًا، فاعلم حينها أن وحش اللعبة قد مات.
وكيف يموت وحش اللعبة؟
يموت حين تغيّر استراتيجيتك، حين تدرك أن إعادة المحاولة بالطريقة ذاتها ليست شجاعة، بل فشل واستنزاف.
يموت حين تتوقف عن الدوران في الحلقة ذاتها، حين تفهم أن الخطأ ليس في قوتك، بل في خطتك.
يموت حين تكفّ عن انتظار نتائج جديدة من مسار معتاد، حين تكسر القيود التي صنعتها أنت قبل أن يصنعها غيرك.
النجاح ليس مجرد تكرار، بل إعادة ابتكار.
لا يكفي أن تمتلك العزيمة، بل يجب أن تمتلك البصيرة.
لا يكفي أن تكون قويًا، بل أن تعرف كيف تستخدم قوتك في الاتجاه الصحيح.
اسأل نفسك:
• هل أخوض المعركة ذاتها بالسلاح نفسه؟
• هل أسلك الطريق ذاته متوقعًا أن يوصلني إلى وجهة مختلفة؟
إذا كان الجواب “نعم”، فاعلم أن اللعبة لن تتغير، والوحش سيظل كابوسك الأبدي.
في النهاية، الحياة تستحق الشجاعة، فأرجوك: غيّر أسلوبك، اخرج من محطتك، جرّب طريقًا جديدًا حتى وإن بدا غير مألوف.
ليس المهم كم مرة حاولت، بل كيف حاولت.
حينها، لن تجد الوحش أمامك، بل ستكتشف أنك أنت من أصبح أقوى، وأنك لم تكن تحارب الوحش، بل كنت تحارب نفسك القديمة.
لا تدع صوت التردد يخمد شرارة شجاعتك، امضِ قدمًا حتى وإن بدا الطريق غامضًا، حتى إن تعثّرت وسقطت، فالسقوط ليس النهاية، بل هو جزء من الرحلة.
لا بأس إن لم يكن الطريق واضحًا الآن، المهم أن تخطو، أن تتحرك، فحتى الخطوات الصغيرة تصنع فرقًا، وبشرارة الشجاعة تلك قد تضيء لنفسك الآفاق، لأنك تستحق حياةً أكبر من الخوف، وأوسع من التردد.
شاركنا تعليقك من هُنا