"اتبع شغفك" ربما تكون هذه هي النصيحة الأكثر شيوعًا للباحثين عن عمل. والمعنى الضمني لها هو "أنه لا يمكنك أن تبذل أفضل ما بوسعك في العمل إلا عندما تفعل شيئًا تحبه حقًا".
بالرغم من ذلك أظهرت مجموعة من الأبحاث، أن التركيز المفرط على شغف الفرد بعمله يمكن أن يكون ضارًا بعدة طرق.
قالت إيرين تشيك، الأستاذة المشاركة في علم الاجتماع بجامعة ميشيغان: "أن الشغف المفرط بالعمل يعيق الفرد عن الفرص التطويرية وتكوين الهوية خارج إطار العمل". "بالإضافة إلى أن أصحاب العمل الذين يعطون الأولوية للشغف يتوقعون من الموظفين أن يمنحوا المزيد من الوقت والطاقة دون أن يحصلوا على أجور أعلى".
وفي حين أن فكرة "الوظيفة لا يجب أن تكون مهنة فقط" ليست جديدة، إلا أن الخبراء قالوا إن الوباء والتغيرات التي أحدثها في عالم العمل قد شجعت الناس على إعادة التفكير في المعنى الحقيقي للشغف بالوظيفة.
وقال جاي يون كيم، الأستاذ المساعد في أخلاقيات الأعمال في جامعة هارفارد: "لقد قيل لنا أنه لا يمكنك تحقيق ذاتك إلا من خلال العمل، ولكن الناس بدأوا يرون أن هناك جوانب أخرى من الحياة مهمة أو أكثر أهمية من العمل، لقد بدأ الناس ينزلون العمل لمنزلته الحقيقية وهذه علامة جيدة."
تقول البروفيسور تشيك، مؤلفة كتاب "مشكلة الشغف" أنه قبل سبعينيات القرن الماضي، لم يكن الشغف أولوية بالنسبة للباحثين عن عمل. وبدلاً من ذلك، كان التركيز على الأجر اللائق وساعات العمل والأمان الوظيفي فقط، والشغف يأتي لاحقًا عندما تصبح أكثر مهارة في الوظيفة.
قالت سابنا شيريان، أستاذة علم النفس بجامعة واشنطن في سياتل، إن اختيار التخصص أو المهنة على أساس العاطفة يمكن أن يعزز أيضًا الصور النمطية المتعلقة بالجنسين. وجدت العديد من الدراسات التي أجرتها هي وزملاؤها أنه عندما طُلب من الطلاب الجامعيين اختيار التخصصات أو المهن بناءً على نصيحة "اتبع شغفك"، اتجهت الإجابات إلى الأدوار التقليدية، فيختار الرجال عادةً مجالات الحاسوب والهندسة، بينما تختار النساء في كثير من الأحيان الفن، ومساعدة الناس.
وأضافت أنه عندما طلب منهم اختيار مهنة على أساس الأمان الوظيفي والراتب أو اختيار مهنة تركز على رعاية الآخرين، فإن هذا الاختلاف بين الجنسين تقلص بشكل كبير.
كيف تعرف ما إذا كان الشغف تجاه عملك سيضر بك؟
إحدى العلامات التي تحدد ما إذا كنت مصاب ب “الشغف المهووس" كما أسماه طه الياسري -الأستاذ المشارك في علم الاجتماع في كلية دبلن الجامعية- هي أن تطغى حياتك المهنية على جميع أجزاء حياتك الأخرى، اسأل نفسك ما إذا كنت قادرًا على إيقاف عملك لوهلة والتركيز على الأسرة أو الهوايات أو أجزاء أخرى من حياتك. إذا كانت الإجابة لا، فيجب عليك إعادة التفكير في أولوياتك.