ارتفع منسوب رضاي عن روايتي كثيرًا مقارنةً بالمرة الأولى. وبطريقةٍ متوقعة دون خلوها من غرابة صرت أملك رؤيةً أفضل عن عيوبها، وهذا ما جعلني أقتنع وأرضا أخيرًا باستحالة وصولها إلى الكمال. وهذا ليس الاستنتاج البديهي الذي قد تظنه، فرغم معرفة كل فردٍ منا باستحالة وصولنا لنقطة الكمال إلا أن قليلٌ منّا من يطبق هذه المعرفة في عمله، وخصوصًا عمله الإبداعي، فعندما نشرع في عمل ما يصيبنا فقد ذاكرةٍ اختياري.
أما أنا فقومّت كل العيوب التي أستطيع تقويمها -لأن استحالة خلو عملٍ من العيوب لا يعني الاستسلام لوجودها- وتقبّلت ما يرفض التقويم، فالآن بت أعرف ما كنت أعرفه وأرفضه، وهو أن الكمال كالعنقاء.. لو أطارده طيلة عمري لن أمسك به.
بل أبعد من هذا، لو وصَل عملٌ يومًا إلى نقطة الكمال لما احتجنا الإبداع اطلاقًا. فالكمال ينقض الإبداع وينفي حاجتنا له. والبحث عن الكمال هو فهمٌ خاطئ للإبداع، والفكرة من العمل الإبداعي هي التعبير الإنساني العميق والناقص بالضرورة.
المزيد من هذه المقالة