في عمر العشرينيات كنت مهتمة جدًّا بالماورائيات، الأمور الغامضة التي لم يجدوا لها تفسير، الأشباح، والكائنات الفضائية، وغيرها. حتى أني كنت أبحثُ وأكتب المقالات حولها؛ لأن المحتوى العربي قليل، واشتركت في دورة تجعلني «ماستر» في علوم الطاقة التي لم أفهمها والخلط العجيب بينها وبين الدين، والفلك، وعلم النفس والفيزياء. بالطبع توقفت بعد إدراكي أن فهم نفسي أهم من فهم الماورائيات.
هناك الكثير ممن حولي يؤمن بالأبراج، حتى أني صُدمت مؤخرًا بأن كاتبي المفضل «فرناندو بيسوا» يؤمن بعلوم الفلك، فقد كان قلقًا من عدم تأكيد ساعة ولادته، إذ ورد في سيرته الذاتية (Pessoa: An Experimental Life) «كان عدم تحديد الوقت بدقة مصدرًا لبعض القلق بالنسبة لفرناندو بيسوا الذي كان متفانيًا في فن الفلك، ويصبو باستمرار إلى إعداد جداول يرسم فيها طابعه ومصيره، فإذا كان قد ولد قبل بضع دقائق، أو بعد بضع دقائق، فستختلف مسار حياته بالكامل، وفقًا للنجوم...».
وبالرغم من وصولنا لعام (2023) لا يزال هناك مَن يصدق ويؤمن بالأبراج، وهناك مَن يدفع المال ليحصل على توقعات عشوائية ومبهمة، وقد لا ينطبق إلا ربما واحد أو اثنين. بشكل عام، فإن أوهام التحقق الذاتي تعتمد على طابع الذاكرة الانتقائي، بحيث إذا اعتقدنا بأن شيئًا ما صحيح، فنحن نميل إلى تذكر الحدث الذي يدعم اعتقادنا، وننسى الأحداث الأخرى التي لا تفعل، والنتيجة هي شعور متزايد بالاقتناع. بالنظر إلى قراءة عامة يمكن أن تنطبق على معظم الأشخاص، نتذكر جزءًا من الكلام الذي يمكن بالصدفة توافقه معنا وننسى الأجزاء التي لا تنطبق علينا.