أنت لست في أفضل حال، لستَ حزينًا، ولستَ سعيدًا، أتعرف تلك الحالة؟
هذا شكل من أشكال الإرهاق في الحياة الحديثة، حيث يصيبك التعب الطويل، والقلق المستمر بجمودٍ في مشاعرك، فلا تشعر بأي شيء، كأن كل مستقبلاتك الحسية قد أصابها الخدر، حينها تفقد الحيوية في جميع نشاطاتك، وتغرق في محيط من اللون الرمادي، حيث لا شيء فيه يكتسب لونًا وتبدو الحياة عديمة المعنى، وحينما تحاول التغلب على هذه الحالة عن طريق زيادة نشاطاتك؛ فتجرب أشياء جديدة، وتبحث بشراهة عن متع لحظية أخرى، تُفاجأ بأنك تغرق أكثر في هذا المحيط الرمادي، والسبب أنك تواجه الغرق بالحركة المضطربة، فتغرق بذلك أكثر.
في تلك الحالة يجب أن نتعلم أساليب النجاة من السباحين المهرة، فالسباح المحترف يترك نفسه ويسترخي إذا ما قابلته دوامة في البحر، وهذا الاسترخاء يُمكّنه من الخروج من تلك الدوّامة بسلام، فهو يعلم أنه لا سبيل للنجاة بمقاومة قوية ومباشرة لدوامات البحر الهائج.
الاسترخاء سبيل نجاتك الوحيد، فحينما يأخذك التعب والإرهاق لحالة من الجمود وتبلد المشاعر، لا تحتاج حينها للمزيد من الإثارة بل بتقليلها، وإلا ستقوم باستخدام الداء للتداوي بدلا من الدواء.
الراحة ستمكنك من الشعور مجددًا بكل شيء حولك، وحينما تتعافى مستقبلاتك الحسية، وتعود لتشتبك مع الحياة بعفوية بعد فترة النقاهة تلك، ستصبح مشاهدةِ شروق الشمس كافية لتملأ يومك بالبهجة، فالمهم ليس حصد أكبر عدد من المتع اللحظية وتوثيقها لتقوم بنشرها قائلا: «ها أنا أحظى بحياة سعيدة مثلكم».
المهم حقًا هو أن يصل الفعل إلى قلبك ويوقد حماسك تجاه نفسك ومن حولك، حينها يصبح كل شيء غني بالمعنى، خفيفًا على النفس، خالٍ من التصنع والزيف اللذان يثقلان الروح ويتعباها.