في مقابلة شاهدتها لإحدى الفائزات في سباق الماراثون في الأولمبياد، تحدثت اللاعبة بعفوية عن ترددها
وضعفها قبل دخولها السباق. حيث وصفت كيف أن حديثها
مع نفسها كان مليئًا بالشكوك، لدرجة أنها اعتبرت
نفسها غبية لاتخاذ قرار المشاركة في السباق.
هذه المشاعر
التي عبرت عنها تعكس تمامًا ما أشعر به قبل خوض أي
مرحلة جديدة أو اتخاذ قرار يضعني في اختبار مع
قدراتي. لم أكن الوحيدة التي شعرت بالانتماء إلى
مشاعرها؛ بل إن أغلب التعليقات على الفيديو
كانت لأشخاص يسخرون من أنفسهم، ويعبرون عن نفس
المشاعر تجاه أي شيء جديد في حياتهم.
الإنسان في
صراع دائم بين ما اعتاده وما يجهله. فنحن
بالاعتياد نصاب بالملل والفتور، ولكن بمجرد أن
نقرر تغيير ما اعتدنا عليه، ندخل في دوامة الخوف
من المجهول والتشكيك في القرارات. تلك المشاعر
التي تصاحب بدء فصل جديد من حياتنا أو خوض تجربة
جديدة، هي احتجاج من أدمغتنا على مغادرة منطقة
الراحة والعبث في بديهياتها.
بحسب وصف
الفيلسوف إبراهيم
البليهي، فإن دماغ الفرد يتكون من منظومة بديهيات
وأنماط تجعل واقعه مألوفًا بالنسبة له. عندما يخرج
عن هذا الواقع ويقوم بتغييره، يفقد المعالم
الإرشادية التي كان يعتمد عليها لفترة طويلة، مما
يجعله يشعر بالضياع والخوف. لذلك، نجد أنفسنا
أحيانًا منزعجين من فكرة التغيير، حتى وإن كان هذا
التغيير يحمل في طياته فرصًا أعظم.
هذه المشاعر
ليست فقط طبيعية، ولكنها أيضًا جزء من عملية نمونا
وتطورنا. التغيير يتطلب من دماغنا إعادة ضبط نفسه
والبحث عن معالم جديدة ليألفها
ويعتاد عليها. وهذا هو ما يجعل التجربة صعبة
أحيانًا ولكنه أيضًا ما يجعلها مجزية. قد تكون
أفضل نصيحة لمواجهة هذه المشاعر وتقبلها هي إدراك
أن أدمغتنا في طور التأقلم، وأننا لو لم نواجه مثل
هذه المشاعر، فهذا يعني أننا لا نزال نقف في نفس
النقطة التي لن تضمن لنا أي تقدم أو تغيير كبير.
شاركنا تعليقك من
هُنا