عندما كنت في الحادية عشرة من عمري، خضعت لإجراء جراحي معقد لتصحيح فرق الطول بين ساقي. أمضى الجراحون 13 ساعة في الحفر عبر عظامي واستغرق الأمر عامين لتمديد ساقي ثلاث انشات. كان الألم شديدًا لدرجة أن المورفين ومسكنات الأفيون كانت جزءًا من البروتوكول الطبي. ومع ذلك، قبل الجراحة، عندما سألتُ ما إذا كان الإجراء سيؤلمني، فإن الشيء الوحيد الذي أتذكر أنه قيل لي هو: "لا تقلق، لدينا طرق للتعامل مع أي ألم مزعج" الفرق بين ما قيل لي وما عشته فعليًا حطم ثقتي بالأطباء، وجعلني أشكّ فيما إذا كان يمكنني الوثوق بالبالغين. الآن، بصفتي أب، ومن خلال سنوات عملي في مجال الرعاية الصحية، اتخذت قرارًا واعيًا بعدم الكذب أبدًا على أي شخص بشأن الألم. حتى لو كان شيء بسيط مثل التطعيم الروتيني، قبل أن يرى الطفل الإبرة تقترب منه، أقول له بصراحة:
"نعم، قد تؤلمك."
كثير من الآباء يختارون طمأنة أطفالهم بدلًا من مصارحتهم. بما أنهم لا يستطيعون منع الألم، فإنهم يعتقدون أن أفضل شيء يمكنهم فعله هو الطمأنة. ولكن بمجرد أن يشعر بالألم، يكون الشعور مصحوبًا بمشاعر خذلان وخيانة عميقة. الأكاذيب التي تضلل الأطفال بشأن تجاربهم ليست أكاذيب بيضاء. على الرغم من حسن نواياها، إلا أنها تهدد نسيج الثقة الأساسي والضروري بين الوالد والطفل. إنها تخلق جرحًا عاطفيًا ليس من السهل شفاؤه. فالألم الناتج عن اكتشاف أنك تعرضت للخداع من قبل شخص بالغ تثق به يمكن أن يكون أعمق وأطول أمدًا من الألم الناتج عن أي إجراء طبي لا يمكن تجنبه.
في الواقع، قد يؤدي التهوين من المشكلة إلى تفاقمها بدلًا من تخفيفها. في تجربة حول كيفية تواصل الآباء مع أطفالهم قبل التطعيمات، أظهرت النتائج أن الأطفال الذين طمأنهم آباؤهم بشكل مفرط كانوا أكثر خوفًا واضطر الأطباء إلى تقييدهم أكثر من غيرهم. على العكس، كان أداء الأطفال أفضل عندما كان آباؤهم إما يصرفون انتباههم أو يلتزمون الصمت دون تقديم تطمينات غير واقعية.
قبل الحقن، شعر الآباء الذين حاولوا طمأنة أطفالهم بأنهم يؤدون دورًا داعمًا ومفيدًا، لكن بعد ذلك، شعروا بالأسى والذنب عندما أدركوا أن محاولاتهم لم تكن مفيدة كما اعتقدوا، بل زادت من معاناة أطفالهم بدلاً من تخفيفها.
لماذا يقع الآباء ومقدمو الرعاية في هذا الخطأ؟
في معظم الحالات، يكون السبب النية الحسنة. غالبًا ما يركز الآباء على الراحة اللحظية لأطفالهم، دون التفكير في التأثير طويل المدى للكذب عليهم. فيسعون جاهدين إلى تهدئتهم في اللحظة الحالية، دون إدراك أن ذلك قد يهدم ثقة الطفل بهم مستقبلاً.إضافة إلى أن رغبتهم في تخفيف شعورهم الشخصي بالانزعاج تلعب دورًا كبيرًا؛ فمشاهدة الطفل يعاني من الألم تعد تجربة مؤلمة للوالدين أيضًا، ويزداد وقعها حين يشعرون بأنهم مسؤولون عن ذلك الألم.
هناك تفسير آخر لهذا النوع من الخداع الأبوي، وهو أن الآباء غالبًا ما يستهينون بقدرة الأطفال على التحمل. نحن نقضي وقتًا طويلاً في محاولة حماية أطفالنا، لدرجة أننا نراهم أكثر هشاشة مما هم عليه في الواقع. لكن الحقيقة هي أن الأطفال أكثر قوة مما نتصور، ويمكنهم التعامل مع المواقف الصعبة بمرونة أكبر مما نتوقع.
صحيح أننا لا نستطيع دائمًا حماية الأطفال من الألم نفسه، لكننا نستطيع حمايتهم من ألم الخداع والخيانة. عندما نكون صادقين معهم بشأن ما سيواجهونه، فإننا نساعدهم على بناء الثقة والتكيف مع التحديات.