لطالما كان البكاء جزءاً من التعبير الإنساني عن المشاعر، ولكنه أيضاً يحمل اختلافات ملحوظة بين
الرجال والنساء. تُظهر الأبحاث من مختلف أنحاء
العالم أن النساء يبكين أكثر من الرجال، مما يثير
تساؤلات حول الأسباب التي تكمن وراء هذا الاختلاف،
سواء كانت بيولوجية، اجتماعية، أو نفسية.
تشير
الدراسات إلى أن الفجوة بين الجنسين في معدلات
البكاء تبدأ بالظهور خلال فترة المراهقة. وفقاً
للخبراء، فإن الأولاد والبنات الصغار يبكون
تقريباً بنفس المقدار،
كما أوضح جوناثان روتنبرغ، أستاذ علم النفس في
جامعة كورنيل. ولكن مع مرور الوقت، تبدأ الفجوة في
معدلات البكاء بين الجنسين بالظهور.
يعتقد بعض
العلماء أن الهرمونات تلعب دوراً في هذا التحول.
يُفترض أن التستوستيرون قد يُثبِّط الدموع، بينما
تجعل التقلبات في مستويات الإستروجين النساء أكثر
استعداداً للبكاء.
من جهة أخرى،
تضيف الأعراف الاجتماعية والثقافية بُعداً مهماً
لهذا الاختلاف. فالمجتمعات عادةً تعلم الأولاد كبح
مشاعرهم والتحلي بالقوة، مما يجعل الرجال أكثر
تردداً في التعبير عن مشاعرهم من خلال البكاء.
يقول الدكتور جوناثان روتنبرغ: "قد يكبح
الأولاد دموعهم خوفاً من انتهاك الصورة
النمطية "
إلى جانب
الهرمونات والعوامل الثقافية، تلعب سمات الشخصية
دوراً في مدى ميل الشخص للبكاء. الأشخاص ذوو
التعاطف العالي أو الذين يميلون إلى العصابية أكثر
عرضة للبكاء. كما أن العوامل البيئية، مثل قلة
النوم أو تناول الكحول، تقلل من القدرة على ضبط
المشاعر، مما يجعل كبح الدموع
أصعب.
على الرغم من
أنه غالباً ما يُنظر إلى البكاء على أنه علامة
ضعف، إلا أن الدراسات تؤكد فوائده النفسية. يمكن
أن يكون البكاء، خاصةً في لحظات الوحدة، بمثابة
نوع من العلاج الذاتي. يقول الدكتور بيلسما:
"البكاء يجبرك على التفكير في الأمر الذي تبكي
بسببه، ومعالجته معرفياً وعاطفياً، ومحاولة
التعامل مع ما يزعجك.".
فالبكاء في حد ذاته ليس مؤشراً
على الضعف أو القوة، بل هو وسيلة طبيعية للتعبير
عن المشاعر ومعالجتها.