جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2025

الاقتصاد‎ ‎فن‎ ‎الاستفادة‎ ‎القصوى‎ ‎من‎ ‎الحياة
26 أيار
المال والأعمال

الاقتصاد‎ ‎فن‎ ‎الاستفادة‎ ‎القصوى‎ ‎من‎ ‎الحياة

26 أيار

|

المال والأعمال

الاقتصاد فن الاستفادة القصوى من الحياة 

يطلق المؤلف والكاتب الايرلندي العظيم جورج برنارد شو هذه العبارة واصفاً لعلم الاقتصاد بأنه يختص في كيف يمكن للشخص تحقيق الاستفادة القصوى من الحياة ..

تكلمت في مقال أطلق رصاصة الرحمة عن بُعد مهم من أبعاد تكلفة الفرصة البديلة و هو كثرة الخيارات وتشتت القرار و لكن هذا لا يعني التقليل من أهمية مبدأ تكلفة الفرصة البديلة ودوره العظيم في اتخاذ قرارات تحقق لنا أقصى استفادة و إشباع ..

سياسة المقايضة ” trade-off” 

أصبحت مؤخراً أكثر وعياً تجاه أن قراراتي كلها تحتمل مقايضة بشيء ما و لا يكون بالضرورة مقايضة مادية و لتضع في اعتبارك أن الاختيارات و المقايضة ليست بالأمر الهين حيث أننا نقايض عدد لا نهائي من الأشياء في وقت واحد .

فقد نتنازل عن منفعة اليوم في مقابل منفعة أخرى في المستقبل و في العادة تكون المنفعة التي في المستقبل أعلى إشباع من المنفعة الحالية كما هو الحال في عملية الاستثمار أنت تستثمر جزء من دخلك الآن لأجل الاستمتاع بهذا الدخل الذي ترتفع قيمته نتيجة استثماره مستقبلاً ، الكثير من قراراتنا المهمة توازن بين قيمة ما نستهلكه الآن مقابل ما قد نستهلكه في المستقبل ، و لذلك تجد الكثير من الطلاب يقضون سنوات الدراسة مجبرين على تحمل التعب و المشقة لأن ذلك سيؤدي إلى تحسن مستوى معيشتهم بشكل كبير في المستقبل ، و الحياة عادلة بعض الشيء في هذه الجزئية مقدار ما تبذله من المشقة و التعب الآن يعود عليك بالمستقبل بعائد عظيم مقارنة بالجهد المبذول و يصف ذلك بيت المتنبي في حالة أن ليس كل أحد يستطيع تحمل المشقة : 

لايدرك المجد إلا سيدٌ فطن

لما يشق على السادات فعّالُ

لولا المشقةُ ساد الناسُ كلهمُ

الجودُ يفقر والإقدام قتّالُ

و لذلك تجد الكثير من الناس تتطور قدرتهم على المقايضة مع مرور الزمن و بالمثال فنحن نوازن بين العمل و الاستمتاع ، فتجد أن عمل ساعات تقارب من ٩٠ ساعة اسبوعياً و هي ما تشكل تقريباً ١٥ ساعة يومياً قد يوفر لك دخل ضخم و لكن سيترك لك أيضاً مساحة ضيقة من الوقت للاستمتاع بهذا الدخل الضخم و الاشخاص هنا لديهم حرية المقايضة بين الوقت أو الدخل .

نحن نريد أعلى منفعة من مواردنا : 

تجد أننا دائماً نبحث عن أعلى منفعة من الموارد المتاحة لدينا و ضع في اعتبارك أن الأشياء التي تمدنا بالمنفعة ليست أشياء مادية فقط ..

و بالمثال يتضح المقال ، كنت في يوم من الأيام مع أحد أبناء الاسرة و هو يدرس في نهاية المرحلة الثانوية و لما لهذه المرحلة من أهمية كبرى فيما نعتقد بدأت في الحديث معه و سؤاله عن ماذا يريد أن يصبح عندما يكبر لكي نحاول أن نفكر في ما هو التخصص الذي يريده ، قال لي و تعجبت من مستوى الوعي الذي لديه ( رياض أنا أريد وظيفة استطيع أن أعيش حياتي معها ) سألته متعجباً لا تريد أن تصبح رئيساً تنفيذياً في يوم من الايام و تتقاضى راتب ضخم ( أجابني لا أريد أن أستمتع بحياتي ) بعد انتهائي من الحديث معه اكتشفت أن حالات الإشباع لدى الاشخاص مختلفة وكل شخص يقوم بالمقايضة المطلوبة للحصول على حالة الاشباع التي يريد .

التكلفة الحقيقية : 

ينبغى أن تكون أكثر وعياً بأن التكلفة الحقيقية لأي سلعة ليس ما تدفعه مقابلها فقط و إنما مقدار ما يجب التنازل عنه من الأشياء ، التي تكون دائماً أكثر من النقود للحصول على تلك السلعة ، فتذاكر الحفلات المجانية ليست كذلك إذا اضطررت للوقوف في طابور طويل لست ساعات للحصول عليها ، و قد لا يعد ركوب المواصلات العامة أرخص من سيارة الأجرة ، و في رحلتي الأخيرة للخارج عندما بدأت أقايض اختياراتي بوعي وجدت أن في مرات كثيرة اختياري للركوب مع أوبر و قد يكون ثلاث أضعاف سعر المواصلات العامة هو اختيار أكثر اشباعاً لي و أقل تكلفة ، قد يتسائل البعض كيف أفسر ذلك بأن انتظار وصول المواصلات العامة و الانتقال من محطة لمحطة و التأخر و قد أصل لوجهتي و قد تكون أغلقت يشكل لي تكلفة أعلى من ركوب أوبر أو سيارة الأجرة .

  • نسب التدخين : 

كما ذكرنا بأن كل قرار نتخذه يقابله مقايضة لشيء نتخلى عنه جعلت المجتمعات بعض التكاليف من شأنها تجعل المدخن يقايض جزء من وقته و ماله في سبيل اختياره للتدخين منها أن التدخين معظم مقرات العمل ممنوع مما يجعل المدخن يقايض وقت وجهد للخروج في الاجواء الحارة للتدخين و هذا مما يعد جزء من تكلفة التدخين .

  • معدل المواليد في الدول الصناعية :  

أصبح إنجاب طفل مكلفاً أكثر مما كان عليه الوضع منذ خمسين عاماً ، و جانب ارتفاع التكلفة ليس لأنه مكلف من حيث التغذية والملبس بل أن السلع أصبحت أقل سعراً نتيجة انتاجنا بكميات ضخمة للغاية ، التكلفة الاساسية لرعاية الطفل في هذه الأيام هي تكلفة ضياع المكسب عندما يتوقف أو يتخلف أحد الوالدين وخاصة الأم عن العمل لرعاية الطفل بالمنزل ، و نظراً لدور الحداثة في مركزية عمل المرأة مواخراً جعل معدل المواليد ينخفض بشكل كبير حيث أن لا أحد من الوالدين يريد أن يقايض ما يتلقاها من دخل مادي نتيجة عملة مقابل الإنجاب والتربية .

مع تطور الحياة و في ظل الدول الصناعية المتقدمة اختفت معظم المنافع الاقتصادية عن تكوين عائلات كبيرة ،فلم تعد هنالك المزارع الكبيرة التي تحتاج لأيدي عاملة كان يوفرها قديم إنجاب الأطفال و الذين كانوا يدرون دخلاً لأسرهم ، و اجد مثلاً في البيئة التي عشت بها أن العائلات قديماً كانوا ينجبون بأعداد كبيرة لأن كل ابن إضافي يساهم في نمو اقتصادي و رفاهية للعائلة ، استمرت الأسر بعد ذلك في إنجاب اعداد كبيرة حتى مع تحول الحياة المدنية و الوظائف مما جعل الأسر تعاني بعض المشاكل المادية و بدأت أعداد الأسر في الانحسار نظراً لأن الوالدين بدؤا ينظرون لمقدار مقايضتهم في سبيل الإنجاب و اتحدث هنا عن من يتخذ قرار الإنجاب بوعي لا عن تقليد .

ختاماً 

كن أكثر وعياً في اختياراتك و اعلم جيداً أن مقابل كل اختيار ستقوم بإختياره هنالك اختياره قمت بالاستغناء عنه ، اسعى لتحقيق أعلى إشباع بموارد المحدودة و اسعى دائماً أن تكون اختياراتك ترضي الله عز وجل ، اسأل الله لي و لك اختيارات مباركة و عظيمة .

المراجع : 

  • كتاب الاقتصاد عارياً 

  • جو برناد شو 

5
0
اشتراك
تنبيه
guest

0 تعليق
الأقدم
الأحدث
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات

مقالات مُقترحة

حُرة مثل فراشة
1 كانون الأول

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 5 دقائق
محاولات تحسين سرمدية
1 حزيران

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 5 دقائق
فضيلة أن تكون استثنائيًا
8 أيار

|

النفس والعاطفة
وقت القراءة: 8 دقائق

عازف الموسيقى: %s

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً