جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2024.

جميع الحقوق محفوظة لقوثاما 2024.

التوقعات‎ ‎وبناء‎ ‎العلاقات

نما في عصرنا هذا ما هو عرض جانبي للفردانية والتفكك الاجتماعي الذي بدأته الثورة الصناعية وهو مصطلح تخفيض التوقعات من الآخرين.

وقت القراءة المتوقع: 4 دقائق
[gpd]

تحرير خديجة الصبار

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً

الآخر غير مضمون

نما في عصرنا هذا ما هو عرض جانبي للفردانية  والتفكك الاجتماعي الذي بدأته الثورة الصناعية وهو مصطلح تخفيض التوقعات من الآخرين، وتستند هذه الدعوات إلى أن الآخر غير مضمون في عالم فرداني ولحماية الذات من الصدمات والخيبات تجاه التحولات والتقلبات غير المضمونة في عالم تحكمه المصالح.

هل أصبح هامش الاحتمالات السيئة ضرورة؟

إن قدرًا من المنطقية في التوقعات وترك هامش للاحتمالات السيئة قد يبدو ضروريًا! إنما الفكرة على إطلاقها تبدو مربكة للعلاقات و هادمة لها، لو تأملتها. يمكنك إعطاء من لا تتوقع منه مبادلتك ذلك العطاء أو في أقل الحالات من تتوقع أن يمنحك التقدير. وإن كانت قاعدتك في الحياة ألا تريد منهم جزاءً ولا شكورًا فلا يمكنك أن تستمر في توجيه العطاء والمبادرة تجاه شخص مع حضور فكرة أنه قد لا يقدّرك وقد يخذلك. إن ذلك يبعث بطريقة أو بأخرى شعورًا بالاستغلال، شعورًا بأنك تخدم من لا يخدمك، تعطي من لا يعطيك، تقدّر من لا يقدّرك و تحترم من لا يحترمك وأن كل هذه المودة التي تكنها لأحدهم قد تكون غير مستحقة البتة. 

التوقعات المنخفضة

في نفس الوقت تبعث الدرجة المنخفضة من التوقعات الشك في العلاقة وتضعها في حالة اختبار دائم. وهذا يُفشل العلاقات في الأغلب، حيث تخفق أغلب العلاقات التي تتعرّض للاختبار المستمر. فالعقل المتحفز لاختبار العلاقة والبحث عن مواطن ضعفها يجعل السلبيات أكثر وضوحًا للعين وقد يندرج أي تصرّف ضمن الأدلة على عدم استحقاق الآخر للتوقعات المرتفعة أو المتزنة على الأقل.

يؤثر تخفيض التوقعات بشكل مباشر على تنمية العلاقات حيث يعطّل المبادرات تجاه الآخر، فالعلاقات ذات طابع تراكمي سواء إيجابًا أم سلبًا. جميع علاقاتنا المتينة هي نتاج وقفات وعطاءات صادقة لم نقدمها إلا لثقتنا باستحقاق الآخر لها وعلى هذه التفاصيل تبنى مبادرات الآخر ومبادراتنا اللاحقة، حتى تصل العلاقات إلى أعلى مستوياتها. ولك أن تتخيّل ما سيقدمه الآخر لك في حال لمس هذه التوقعات المنخفضة تجاهه، ما سيجعل شح المبادرات متبادل في ظل هذه الشكوك و التوقعات المنخفضة التي ستصيب العلاقة بالهشاشة. 

فخ رفع توقعاتنا

يطرق بالنا السؤال في الجانب الآخر: ماذا عن احتمالية الانكسار؟ و ماذا عن الصدمة التي سنتلقاها إن لم تصدق توقعاتنا المرتفعة من الآخرين؟ أظن أننا بحاجة إلى ما يحمينا من الهشاشة كما نحمي العلاقات، فنحن لسنا أمام خيارين إما أن نخفض توقعاتنا أو أن نجعل أنفسنا عرضةَ للصدمات. بل هناك خيار آخر هو أن نقلل من اعتماديتنا على الآخر في كل النواحي و نصل في هذا الأمر إلى درجة متوازنة.

إذ لا ينبغي أن يكون شخص واحد هو محور حياتنا فذلك يجعلنا أكثر عرضة للانكسار في حال لم تصدق التوقعات منه.

إن انكسار زوجة ما لا يوجد في حياتها سوى زوجها أو أنها تعتمد اعتمادًا كليًا عليه أكثر احتمالية من انكسار أخرى وصلت إلى التوازن بين الاستقلال و الاعتماد. و هكذا على كافة العلاقات بما فيها علاقة الوالدين بأبنائهم  والأصدقاء ببعضهم.

عوامل كثيرة قد تأخذنا إلى هذه الحالة من التوازن، إنما عامل المعنى يبدو أقوى تأثيرًا وأكثرها قدرة على تأمين الحماية اللازمة من الانكسار في حال الفقد وخيبة التوقعات. إن المعنى في حياة المرء يجب ألا يكون متمحورًا حول الأشخاص فلا يكون معنى حياة الأب هو أبناؤه ولا معنى حياة الزوجة هو زوجها ولا معنى حياة الصديق هو صديقه، وذلك لا يعني أن يفقد هؤلاء الأشخاص قيمتهم التي يستحقونها بل إن وضع الأشخاص في خانة المعنى يعتبر حالة غير متسقة. و ذلك لا يتعارض إطلاقًا مع مكانتهم العالية لدينا، إنما خانة المعنى أولى بأشياء تكون بالعادة هدفًا من الحياة. 

خطر أن نضع الآخرين في دائرة المعنى

إن خطورة وضع الأشخاص في دائرة المعنى من الحياة تجعل الإنسان مهددًا بفقد حياته بمجرد أن يفقد هؤلاء الأشخاص. بعكس إن كان في هذه الدائرة ما هو أكثر ملائمة، مثل أن تضع هواية تمارسها أو تطوّع أو دراسة أو تطوير مهارة معيّنة أو القراءة حيث تبقى كبلسم من كل فقد و كل خيبة قد تحدث، وعلى هذا النحو نستطيع المحافظة على علاقاتنا من انخفاض التوقعات و على حياتنا من خيبة التوقعات المرتفعة.

13
0

اختيارات المحررين

اشتراك
تنبيه
guest
1 تعليق
الأقدم
الأحدث
Inline Feedbacks
عرض جميع التعليقات

مقالات مُقترحة

عن العلاقات
لا شيء نخاف منه في حياتنا الحديثة أكثر من الوقوع في الحب، ولا شيء نطلبه ونبحث عنه ونرغب فيه أكثر من الحب!

وقت القراءة المتوقع: 10 دقائق

لماذا لا نفهم الحب؟

عن التشافي
إحساس غامض متخم باندهاشٍ يتمددُ صداهُ في رأسي كأجراسِ القيامةِ. كما لو أن العالم قماشةٌ عريضة من زمن مُتحدٍ، فصلت إلى قطعتينِ، عالمين، زمنين، لا يربطهما شيءٌ سوى ذاكرة الروح،

وقت القراءة المتوقع: 5 دقائق

تساؤلات‎ ‎روحية‎ ‎تجيب‎ ‎عليها‎ ‎الأشجار

عن التشافي
المشي مرفأ الإلهام ووقود يحرك عجلة الرؤى والتصورات، هو ملجأ القلق، ومكتب الأديب، وراحة المتعب

وقت القراءة المتوقع: 8 دقائق

في جمالِ أن تكون مشّاءً

أحداث قد تناسبك

تُغذي الصمت

مَشفى

صيام عن الكلام لمدة ثلاث أيام . عقلك الذي لايهدأ ، نعدك أن يصمت تمامًا .

قراءة المزيد
تُغذي العقل والحالة الإجتماعية

يوم الفيلة

في ليلة مُتكاملة تمتد لثلاث ساعات ، نقدم للمجتمع من خلاله أعمالنا الإبداعية الكاملة ، نستضيف ضيوف مُلهمين لنقيم ليلة ثقافية – ابداعية لاتنسى في بيئة تنتمي لها وتنتمي لك.

قراءة المزيد

عازف الموسيقى: %s

اشترك في نشرتنا البريدية

نشرة تصدر من قوثاما لتعرف عنا أكثر، عما نخطط له، وعما يدور في وجداننا.

كل أربعاء عند الساعة ٨:٠٠ مساءً